للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

أَفْرَادِ الضَّمِّ وَالْمَوْضُوعُ لِلْأَعَمِّ حَقِيقَةً فِي كُلٍّ مِنْ أَفْرَادِهِ كَإِنْسَانٍ فِي زَيْدٍ فَهُوَ مِنْ قَبِيلِ الْمُشْتَرَكِ الْمَعْنَوِيِّ وَسَبَبُ شَرْعِيَّتِهِ تَعَلُّقُ بَقَاءِ الْعَالَمِ بِهِ الْمُقَدَّرُ فِي الْعِلْمِ الْأَزَلِيِّ عَلَى الْوَجْهِ الْأَكْمَلِ وَلَهُ شَرْطٌ خَاصٌّ بِهِ وَهُوَ سَمَاعُ اثْنَيْنِ وَشُرُوطُهُ الَّتِي لَا تَخُصُّهُ الْأَهْلِيَّةُ بِالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَيَنْبَغِي أَنْ يُرَادَ فِي الْوَلِيِّ لَا فِي الزَّوْجِ وَالزَّوْجَةِ وَلَا فِي مُتَوَلِّي الْعَقْدِ فَإِنَّ تَزْوِيجَ الصَّغِيرِ وَالصَّغِيرَةِ جَائِزٌ وَتَوْكِيلَ الصَّبِيِّ الَّذِي يَعْقِلُ الْعَقْدَ وَيَقْصِدُهُ جَائِزٌ عِنْدَنَا فِي الْبَيْعِ فَصِحَّتُهُ هُنَا أَوْلَى كَمَا فِي الْفَتْحِ وَرُكْنُهُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ حَقِيقَةً أَوْ حُكْمًا كَاللَّفْظِ الْقَائِمِ وَحُكْمُهُ حِلُّ اسْتِمْتَاعِ كُلٍّ مِنْهُمَا بِالْآخَرِ عَلَى الْوَجْهِ الْمَأْذُونِ فِيهِ شَرْعًا وَوُجُوبُ الْمَهْرِ عَلَيْهِ وَحُرْمَةُ الْمُصَاهَرَةِ وَعَدَمُ الْجَمْعِ بَيْنَ الْأُخْتَيْنِ وَسَيَأْتِي إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى وَفِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ نُقِلَ إلَى الْعَقْدِ فَصَارَ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً وَلِذَا أَخَذَ فِي تَعْرِيفِهِ فَقَالَ (هُوَ عَقْدٌ يُرَدُّ عَلَى مِلْكِ الْمُتْعَةِ) أَيْ حِلِّ اسْتِمْتَاعِ الرَّجُلِ مِنْ الْمَرْأَةِ فَالْمُرَادُ بِالْعَقْدِ الْحَاصِلُ بِالْمَصْدَرِ وَهُوَ ارْتِبَاطُ أَجْزَاءِ التَّصَرُّفِ الشَّرْعِيِّ بَلْ الْأَجْزَاءُ الْمُرْتَبِطَةُ دُونَ الْمَعْنَى الْمَصْدَرِيِّ الَّذِي هُوَ فِعْلُ الْمُتَكَلِّمِ وَلَا شَكَّ أَنَّ لَهُ عِلَلًا أَرْبَعًا فَالْعِلَّةُ الْفَاعِلِيَّةُ الْمُتَعَاقِدَانِ وَالْمَادِّيَّةُ الْإِيجَابُ وَالْقَبُولُ وَالصُّورِيَّةُ الِارْتِبَاطُ الَّذِي يَعْتَبِرُ الشَّرْعُ وُجُودَهُ وَالْغَائِيَّةُ الْمَصَالِحُ الْمُتَعَلِّقَةُ بِالنِّكَاحِ (قَصْدًا) احْتِرَازًا عَمَّا يُفِيدُ الْحِلَّ ضِمْنًا كَمَا إذَا ثَبَتَ فِي ضِمْنِ مِلْكِ الرَّقَبَةِ كَشِرَاءِ جَارِيَةٍ لِلتَّسَرِّي فَإِنَّهُ مَوْضُوعٌ شَرْعًا لِمِلْكِ الرَّقَبَةِ وَمِلْكُ الْمُتْعَةِ ثَابِتٌ ضِمْنًا.

وَإِنْ قَصَدَهُ الْمُشْتَرِي وَإِنَّمَا لَمْ يَكُنْ مِلْكُ الْمُتْعَةِ مَقْصُودًا كَمِلْكِ الرَّقَبَةِ فِي الشِّرَاءِ وَنَحْوِهِ لِتَخَلُّفِهِ عَنْهُ فِي شِرَاءِ مَحْرَمِهِ نَسَبًا وَرِضَاعًا وَالْأَمَةِ الْمَجُوسِيَّةِ.

(يَجِبُ عِنْدَ التَّوَقَانِ) وَهُوَ الشَّوْقُ الْقَوِيُّ، وَالْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ اللَّازِمُ فَيَشْمَلُ الْفَرْضَ وَالْوَاجِبَ فَإِنَّهُ يَكُونُ وَاجِبًا عِنْدَ عَدَمِ خَوْفِ الْوُقُوعِ فِي الزِّنَا وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ لَمْ يَتَزَوَّجْ لَا يَحْتَرِزُ عَنْهُ فَرْضًا بِشَرْطِ أَنْ يَمْلِكَ الْمَهْرَ وَالنَّفَقَةَ؛ لِأَنَّ مَا لَا يُتَوَصَّلُ إلَى تَرْكِ الْحَرَامِ إلَّا بِهِ يَكُونُ فَرْضًا وَذَهَبَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَشْيَاخِنَا إلَى أَنَّهُ فَرْضُ كِفَايَةٍ وَذَهَبَ آخَرُونَ إلَى أَنَّهُ وَاجِبٌ عَلَى الْكِفَايَةِ وَقَالَ الشَّافِعِيُّ هُوَ مُبَاحٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ جُمْلَةِ الْمُعَامَلَاتِ.

(وَيُكْرَهُ عِنْدَ خَوْفِ الْجَوْرِ) أَيْ عِنْدَ عَدَمِ رِعَايَةِ حُقُوقِ الزَّوْجِيَّةِ لِأَنَّ مَشْرُوعِيَّتَهُ إنَّمَا هِيَ لِتَحْصِينِ النَّفْسِ وَتَحْصِيلِ الثَّوَابِ بِالْوَلَدِ وَاَلَّذِي يَخَافُ الْجَوْرَ يَأْثَمُ وَيَرْتَكِبُ الْمُحَرَّمَاتِ فَتَنْعَدِمُ الْمَصَالِحُ لِرُجْحَانِ هَذِهِ الْمَفَاسِدِ وَقَضِيَّتُهُ الْحُرْمَةُ إلَّا أَنَّ النُّصُوصَ لَمْ تَنْهَضْ بِهَا فَقُلْنَا بِالْكَرَاهَةِ.

(وَيُسَنُّ مُؤَكَّدًا حَالَةَ الِاعْتِدَالِ) وَهُوَ الْأَصَحُّ قَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «النِّكَاحُ سُنَّتِي فَمَنْ رَغِبَ عَنْ سُنَّتِي فَلَيْسَ مِنِّي» .

وَقَالَ «تَزَوَّجُوا الْوَدُودَ الْوَلُودَ فَإِنِّي مُكَاثِرٌ بِكُمْ الْأُمَمَ» وَذَهَبَ دَاوُد وَأَتْبَاعُهُ مِنْ أَهْلِ الظَّاهِرِ إلَى أَنَّهُ فَرْضُ عَيْنٍ عَلَى الْقَادِرِ عَلَى الْوَطْءِ وَالْإِنْفَاقِ تَمَسُّكًا بِظَاهِرِ قَوْله تَعَالَى {فَانْكِحُوا مَا طَابَ لَكُمْ مِنَ النِّسَاءِ} [النساء: ٣] «وَقَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - لِعَكَّافِ بْنِ خَالِدٍ أَلَكَ امْرَأَةٌ قَالَ لَا قَالَ تَزَوَّجْ فَإِنَّكَ مِنْ إخْوَانِ الشَّيَاطِينِ» ، وَفِي رِوَايَةٍ مِنْ رُهْبَانِ النَّصَارَى، وَفِي آخِرِهِ شِرَارُكُمْ عُزَّابُكُمْ وَأَرَاذِلُ أَمْوَاتِكُمْ عُزَّابُكُمْ وَيْحَكَ يَا عَكَّافُ

<<  <  ج: ص:  >  >>