للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَأَمَّا إذَا كَانَا كِتَابِيَّيْنِ فَإِنْ أَسْلَمَتْ فَهِيَ كَذَلِكَ وَإِنْ أَسْلَمَ فَلَا يَتَعَرَّضُ لَهَا وَكَذَلِكَ إذَا كَانَتْ هِيَ كِتَابِيَّةً وَالزَّوْجُ مَجُوسِيًّا لَكِنَّ صَاحِبَ الْكَنْزِ قَالَ بَعْدَ عِدَّةِ أَسْطُرٍ، وَلَوْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ بَقِيَ نِكَاحُهُمَا فَعُلِمَ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ هَاهُنَا مَا لَا يُمْكِنُ اجْتِمَاعُهُمَا بِإِسْلَامِ أَحَدِهِمَا وَكُفْرِ الْآخَرِ فَيَسْتَقِيمُ الْكَلَامُ، تَدَبَّرْ.

(فَإِنْ أَبَى الزَّوْجُ) الْكَافِرُ عَنْ الْإِسْلَامِ (فَالْفُرْقَةُ طَلَاقٌ) وَلَوْ كَانَ الزَّوْجُ صَغِيرًا عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ حَتَّى يَنْقَضِيَ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ وَبِهِ يُفْتَى كَمَا فِي الْمَطْلَبِ وَعَلَيْهِ النَّفَقَةُ وَالسُّكْنَى مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ؛ لِأَنَّ الْفُرْقَةَ جَاءَتْ بِسَبَبٍ مِنْ جِهَةِ الزَّوْجِ وَهُوَ إبَاؤُهُ عَنْ الْإِسْلَامِ وَذَلِكَ مِنْهُ تَفْوِيتُ الْإِمْسَاكِ بِالْمَعْرُوفِ فَتَعَيَّنَ التَّسْرِيحُ بِالْإِحْسَانِ وَالْإِحْسَانُ بِالتَّسْرِيحِ أَنْ يُوَفِّيَهَا مَهْرَهَا وَنَفَقَةَ عِدَّتِهَا كَمَا فِي الْمَبْسُوطِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّ عِنْدَهُ لَا تَكُونُ طَلَاقًا بَلْ فَسْخًا حَتَّى لَا يَنْتَقِصُ بِهِ عَدَدُ الطَّلَاقِ (لَا إنْ أَبَتْ هِيَ) أَيْ لَا تَكُونُ الْفُرْقَةُ طَلَاقًا إنْ أَبَتْ الْمَجُوسِيَّةُ؛ لِأَنَّ الطَّلَاقَ لَا يَكُونُ مِنْ النِّسَاءِ حَتَّى يَنُوبُ الْقَاضِي مَنَابَهَا (وَلَهَا الْمَهْرُ) سَوَاءٌ كَانَ الْإِبَاءُ مِنْ قِبَلِهِ، أَوْ مِنْ قِبَلِهَا (لَوْ بَعْدَ الدُّخُولِ) لِتَأَكُّدِهِ بِالدُّخُولِ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْإِبَاءُ بَعْدَ الدُّخُولِ بَلْ قَبْلَهُ (فَنِصْفُهُ لَوْ أَبَى) الزَّوْجُ؛ لِأَنَّ التَّفْرِيقَ هُنَا طَلَاقٌ قَبْلَ الدُّخُولِ (وَلَا شَيْءَ لَوْ أَبَتْ) وُجُودَ الْفُرْقَةِ مِنْ قِبَلِهَا كَالْمُطَاوَعَةِ لِابْنِ زَوْجِهَا.

(وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ) أَيْ إسْلَامُ زَوْجَةِ الْكَافِرِ أَوْ زَوْجِ الْمَجُوسِيَّةِ (فِي دَارِهِمْ لَا تَبِينُ حَتَّى تَحِيضَ ثَلَاثًا) إنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ فَلَوْ كَانَتْ مِمَّنْ لَا تَحِيضُ لِصِغَرٍ، أَوْ كِبَرٍ فَلَا تَبِينُ إلَّا بِمُضِيِّ ثَلَاثَةِ أَشْهُرٍ وَلَوْ قَالَ لَا تَبِينُ إلَّا بِمُضِيِّ الْعِدَّةِ أَوْ بِمُضِيِّ مِقْدَارِ الْعِدَّةِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ شَامِلٌ لِوَضْعِ الْحَمْلِ (قَبْلَ إسْلَامِ الْآخَرِ) ؛ لِأَنَّ الْإِسْلَامَ لَيْسَ سَبَبًا لِلْفُرْقَةِ وَعَرْضُ الْإِسْلَامِ مُتَعَذِّرٌ لِقُصُورِ الْوِلَايَةِ وَلَا بُدَّ مِنْ الْفُرْقَةِ رَفْعًا لِلْفَسَادِ فَأَقَمْنَا شَرْطَهَا وَهُوَ مُضِيُّ الْحَيْضِ مَقَامَ السَّبَبِ كَمَا فِي حَفْرِ الْبِئْرِ وَهَذِهِ الْحِيَضُ لَا تَكُونُ عِدَّةً؛ وَلِهَذَا يَسْتَوِي فِيهَا الْمَدْخُولُ بِهَا وَغَيْرُهَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إنْ كَانَتْ الْفُرْقَةُ قَبْلَ الدُّخُولِ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا وَإِنْ بَعْدَهُ فَكَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا تَجِبُ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ (وَإِنْ أَسْلَمَ زَوْجُ الْكِتَابِيَّةِ بَقِيَ نِكَاحُهَا) ؛ لِأَنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّزَوُّجُ بِهَا ابْتِدَاءً فَالْبَقَاءُ أَوْلَى (وَتَبَايُنُ الدَّارَيْنِ سَبَبُ الْفُرْقَةِ) ؛ لِأَنَّ مَنْعَ التَّبَايُنِ حَقِيقَةً وَحُكْمًا لِانْتِظَامِ مَصَالِحِ النِّكَاحِ وَمِنْ التَّبَايُنِ لَا يَنْتَظِمُ فَشَابَهُ الْمَحْرَمِيَّةَ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى -: سَبَبُ الْفُرْقَةِ السَّبْيُ دُونَ التَّبَايُنِ (لَا السَّبْيُ فَلَوْ) تَفْرِيعٌ لِقَوْلِهِ: وَتَبَايُنُ الدَّارَيْنِ (خَرَجَ أَحَدُهُمَا إلَيْنَا مُسْلِمًا) ، أَوْ ذِمِّيًّا، أَوْ أَسْلَمَ، أَوْ عَقَدَ الذِّمَّةَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ (أَوْ أُخْرِجَ) أَحَدُهُمَا إلَيْنَا (مَسْبِيًّا بَانَتْ) زَوْجَتُهُ لِتَبَايُنِ الدَّارَيْنِ.

(وَإِنْ سُبِيَا مَعًا) تَفْرِيعٌ لِقَوْلِهِ لَا السَّبْيُ (لَا) تَبِينُ عِنْدَنَا لِعَدَمِ تَبَايُنِ الدَّارَيْنِ خِلَافًا

<<  <  ج: ص:  >  >>