(أَوْ كَبَطْنِهَا) عَطْفٌ عَلَى قَوْلِهِ كَظَهْرِ أُمِّي نَظِيرُ تَشْبِيهٍ لِلْعُضْوِ وَالْمُشَبَّهِ بِهِ الَّذِي يَحْرُمُ عَلَيْهِ النَّظَرُ إلَيْهِ مِنْ مَحَارِمِهِ (أَوْ فَخِذِهَا أَوْ كَظَهْرِ أُخْتِي أَوْ عَمَّتِي وَنَحْوِهِمَا) مِنْ مَحَارِمِهِ عَلَى التَّأْبِيدِ (حَرُمَ) جَوَابُ لَوْ (عَلَيْهِ) أَيْ الزَّوْجِ (وَطْؤُهَا وَدَوَاعِيهِ) كَالتَّقْبِيلِ وَالْمَسِّ بِشَهْوَةٍ.
وَفِي الظَّهِيرِيَّةِ إنَّ النَّظَرَ إلَى ظَهْرِهَا وَبَطْنِهَا لَمْ يَحْرُمْ وَفِيهِ خِلَافُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَوْلِ الْجَدِيدِ وَأَحْمَدَ فِي رِوَايَةٍ (حَتَّى يُكَفِّرَ) ، وَهَذَا حُكْمُهُ أَمَّا حُرْمَةُ الْوَطْءِ فَبِالْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ وَأَمَّا حُرْمَةُ الدَّوَاعِي فَلِدُخُولِهَا تَحْتَ النَّصِّ الْمُفِيدِ لِحُرْمَةِ الْوَطْءِ، وَهُوَ قَوْله تَعَالَى {مِنْ قَبْلِ أَنْ يَتَمَاسَّا} [المجادلة: ٣] ؛ لِأَنَّهُ لَا مُوجِبَ فِيهِ لِلْحَمْلِ عَلَى الْمَجَازِ وَهُوَ الْوَطْءُ لِإِمْكَانِ الْحَقِيقَةِ وَيَحْرُمُ الْجِمَاعُ؛ لِأَنَّهُ مِنْ أَفْرَادِ الْتِمَاسِ فَيَحْرُمُ الْكُلُّ بِالنَّصِّ كَمَا فِي الْفَتْحِ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ كَلَامٌ فَلْيُطَالَعْ.
(فَلَوْ وَطِئَ) الْمُظَاهِرُ (قَبْلَ التَّكْفِيرِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ) أَيْ الْمُظَاهِرِ (غَيْرُ الِاسْتِغْفَارِ) لِلْوَطْءِ الْحَرَامِ (وَالْكَفَّارَةُ الْأُولَى) أَيْ غَيْرُ الْكَفَّارَةِ الْوَاجِبَةِ بِالظِّهَارِ عَلَى التَّرْتِيبِ الْمَنْصُوصِ بِالْإِجْمَاعِ إلَّا سَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ فَإِنَّهُ قَالَ تَجِبُ عَلَيْهِ كَفَّارَتَانِ.
وَقَالَ النَّخَعِيُّ: ثَلَاثُ كَفَّارَاتٍ (وَلَا يَعُودُ) إلَى وَطْئِهَا ثَانِيًا (حَتَّى يُكَفِّرَ وَالْعَوْدُ) أَيْ عَوْدُ الْمُظَاهِرِ الْمَذْكُورِ فِي قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ يَعُودُونَ لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] (الْمُوجِبُ لِلْكَفَّارَةِ) هُوَ (عَزْمُهُ عَلَى وَطْئِهَا) وَقَدْ اخْتَلَفَتْ أَصْحَابُنَا فِي سَبَبِ وُجُوبِ الْكَفَّارَةِ.
وَفِي الْبَحْرِ فَالْعَامَّةُ مَجْمُوعُ الظِّهَارِ وَالْعَوْدِ. وَفَصَّلَ كُلَّ التَّفْصِيلِ فَلْيُرَاجَعْ.
وَفِي الْإِصْلَاحِ الْعَوْدُ شَرْطٌ لِوُجُوبِ الْكَفَّارَةِ فِي الظِّهَارِ إجْمَاعًا غَيْرَ أَنَّ الْعَوْدَ عِنْدَنَا عَزْمُهُ عَلَى وَطْءِ الْمُظَاهَرِ مِنْهَا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ سُكُوتُهُ عَنْ طَلَاقِهَا فِي زَمَانٍ يُمْكِنُهُ أَنْ يُطَلِّقَهَا وَعِنْدَ مَالِكٍ الْوَطْءُ نَفْسُهُ وَاللَّامُ فِي قَوْله تَعَالَى {لِمَا قَالُوا} [المجادلة: ٣] بِمَعْنَى إلَى وَقِيلَ بِمَعْنَى فِي.
وَقَالَ الْفَرَّاءُ بِمَعْنَى عَنْ أَيْ يَرْجِعُونَ عَمَّا قَالُوا يُرِيدُونَ الْوَطْءَ وَالْعَوْدُ الرُّجُوعُ حَتَّى لَوْ أَبَانَهَا وَلَمْ يَعْزِمْ عَلَى وَطْئِهَا لَمْ يَجِبْ عَلَيْهِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ أَحَدُهُمَا (وَيَنْبَغِي لَهَا) أَيْ يَجِبُ لَهَا (أَنْ تَمْنَعَ نَفْسَهَا مِنْهُ) إلَى أَنْ يُكَفِّرَ (وَتُطَالِبَهُ بِالْكَفَّارَةِ وَيُجْبِرَهُ الْقَاضِي عَلَيْهَا) بِالْحَبْسِ ثُمَّ بِالضَّرْبِ إنْ أَبَى
دَفْعًا لِلضَّرَرِ
عَنْهَا وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ مَعْرُوفًا بِالْكَذِبِ وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّ النِّكَاحَ بَاقٍ وَإِنَّ هَذِهِ الْحُرْمَةَ لَا تَزُولُ إلَّا بِالتَّكْفِيرِ وَلِهَذَا لَوْ طَلَّقَهَا ثُمَّ تَزَوَّجَهَا بَعْدَ الْعِدَّةِ أَوْ بَعْدَ زَوْجٍ آخَرَ حَرُمَ وَطْؤُهَا قَبْلَ التَّكْفِيرِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (وَاللَّفْظُ الْمَذْكُورُ) وَهُوَ قَوْلُهُ أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي وَمَا يُمَاثِلُهُ (لَا يَحْتَمِلُ غَيْرَ الظِّهَارِ) سَوَاءٌ نَوَاهُ أَوْ نَوَى طَلَاقًا أَوْ إيلَاءً أَوْ لَمْ يَنْوِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute