لَمْ يُوجَدْ وَصَوْمٌ آخَرُ غَيْرُ مَشْرُوعٍ فِيهِ لِتَعَيُّنِهِ إلَّا إذَا كَانَ مُسَافِرًا فَصَامَ شَعْبَانَ وَرَمَضَانَ بِنِيَّةِ الْكَفَّارَةِ أَجْزَأَهُ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا كَمَا فِي الْغَايَةِ (وَلَا شَيْءَ مِنْ الْأَيَّامِ الْمَنْهِيَّةِ) مَجَازٌ حُكْمِيٌّ أَيْ الْمَنْهِيُّ الصَّوْمُ فِيهَا وَلَيْسَ مِنْ قَبِيلِ الْحَذْفِ وَالْإِيصَالِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ سَمَاعِيٌّ وَهِيَ يَوْمَا الْعِيدِ وَأَيَّامُ التَّشْرِيقِ؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ حَرَامٌ فِيهَا فَكَانَ نَاقِصًا فَلَا يَتَأَدَّى بِهِ الْوَاجِبُ (فَإِنْ وَطِئَهَا) أَيْ وَطِئَ الْمُظَاهِرُ الَّتِي ظَاهَرَ مِنْهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَامَعَ غَيْرَهَا فَإِنْ كَانَ يُفْسِدُ الصَّوْمَ كَالْجِمَاعِ بِالنَّهَارِ عَامِدًا قَطَعَ التَّتَابُعَ فَيَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ بِالِاتِّفَاقِ وَإِنْ لَمْ يُفْسِدْهُ بِأَنْ وَطِئَهَا بِالنَّهَارِ نَاسِيًا وَبِاللَّيْلِ كَيْفَ مَا كَانَ لَمْ يَقْطَعْ التَّتَابُعَ فَلَا يَلْزَمُهُ الِاسْتِئْنَافُ بِالِاتِّفَاقِ (فِيهِمَا لَيْلًا عَمْدًا) هَكَذَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَذَكَرَ فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا إنَّ قَيْدَ عَمْدًا اتِّفَاقِيٌّ لَا احْتِرَازِيٌّ؛ لِأَنَّ الْعَمْدَ وَالنِّسْيَانَ فِي الْوَطْءِ بِاللَّيْلِ سَوَاءٌ وَلَا خِلَافَ فِيهِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ خِلَافٌ لَكِنَّ الْحَقَّ مَا فِي الْعِنَايَةِ وَغَيْرِهَا تَتَبَّعْ (أَوْ نَهَارًا) أَرَادَ النَّهَارَ الشَّرْعِيَّ فَيَدْخُلُ فِيهِ مَا بَيْنَ طُلُوعِ الْفَجْرِ إلَى طُلُوعِ الشَّمْسِ (نَاسِيًا اسْتَأْنَفَ) الصَّوْمَ لَا الْإِطْعَامَ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ قَالَ الشَّرْطُ عَدَمُ فَسَادِ الصَّوْمِ فَلَوْ وَطِئَهَا لَيْلًا أَوْ نَهَارًا نَاسِيًا لَا يَسْتَأْنِفُ وَالصَّحِيحُ قَوْلُهُمَا؛ لِأَنَّ الْمَأْمُورَ بِهِ صِيَامُ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ لَا مَسِيسَ فِيهِمَا كَمَا بَيَّنَّا قَيْدَهُ بِقَوْلِهِ نَاسِيًا؛ لِأَنَّهُ إذَا جَامَعَهَا فِي النَّهَارِ عَامِدًا يَسْتَأْنِفُ بِالِاتِّفَاقِ.
(وَإِنْ أَفْطَرَ) الْمُظَاهِرُ يَوْمًا (بِعُذْرٍ) كَسَفَرٍ أَوْ مَرَضٍ (أَوْ بِغَيْرِ عُذْرٍ اسْتَأْنَفَ إجْمَاعًا) لِانْقِطَاعِ التَّتَابُعِ بِالْفِطْرِ وَهُوَ عُذْرٌ يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ بِخِلَافِ مَا لَوْ أَفْطَرَتْ الْمَرْأَةُ لِلْحَيْضِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ أَوْ الْفِطْرِ فِي رَمَضَانَ حَيْثُ لَا تَسْتَأْنِفُ، وَتَصِلُ قَضَاءَهَا بَعْدَ الْحَيْضِ بِخِلَافِ مَا لَوْ نَفِسَتْ.
(فَإِنْ لَمْ يَسْتَطِعْ) الْمُظَاهِرُ (الصَّوْمَ) لِمَرَضٍ لَا يُرْجَى زَوَالُهُ أَوْ كِبَرٍ (أَطْعَمَ هُوَ) أَيْ الْمُظَاهِرُ (أَوْ نَائِبُهُ) بِأَنْ أَمَرَ غَيْرَهُ أَنْ يُطْعِمَ عَنْهُ عَنْ ظِهَارِهِ مِنْ مَالِهِ فَفَعَلَ أَجْزَأَهُ وَإِنَّمَا فَسَّرْنَا بِالْأَمْرِ إذْ بِغَيْرِهِ (لَمْ يُجْزِيه سِتِّينَ مِسْكِينًا) وَقَيْدُ الْمِسْكِينِ اتِّفَاقِيٌّ لِجَوَازِ صَرْفِهِ إلَى غَيْرِهِ مِنْ مَصَارِفِ الزَّكَاةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute