لَكِنْ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ كُلٌّ مِنْهُمْ جَائِعًا وَبَالِغًا أَوْ مُرَاهِقًا (كُلُّ مِسْكِينٍ كَالْفِطْرَةِ) أَيْ مِنْ بُرٍّ أَوْ زَبِيبٍ نِصْفِ صَاعٍ وَمِنْ تَمْرٍ وَشَعِيرٍ صَاعٍ (أَوْ) أَطْعَمَ (قِيمَةَ ذَلِكَ) أَيْ أَعْطَى كُلًّا قَدْرَ قِيمَةِ الْفِطْرَةِ مَطْعَمًا فَلَا إشْكَالَ فِي عَطْفِهِ كَمَا قِيلَ وَعَنْ الشَّافِعِيِّ لَا يَجُوزُ دَفْعُ الْقِيمَةِ، وَأَفَادَ بِعَطْفِ الْقِيمَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَكُونَ مِنْ غَيْرِ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهِ، وَلَوْ دَفَعَ مَنْصُوصًا عَنْ مَنْصُوصٍ آخَرَ بِطَرِيقِ الْقِيمَةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَبْلُغَ الْمَدْفُوعُ الْكَمِّيَّةَ الْمُقَدَّرَةَ شَرْعًا فَلَوْ دَفَعَ نِصْفَ صَاعِ تَمْرٍ تَبْلُغُ قِيمَتُهُ نِصْفَ صَاعِ بُرٍّ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْمِنَحِ (وَيَصِحُّ إعْطَاءٌ مَنِّ بُرٍّ) الْأَفْصَحُ مَنَّا بُرٍّ (مَعَ مَنَوَيْ شَعِيرٍ أَوْ تَمْرٍ) لِحُصُولِ الْإِطْعَامِ فَكَانَ تَكْمِيلًا بِالْأَجْزَاءِ لَا بِالْقِيمَةِ وَفِيهِ رِوَايَتَانِ.
وَفِي الْأَصْلِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَتَصِحُّ الْإِبَاحَةُ فِي الْكَفَّارَاتِ) كَكَفَّارَةِ الظِّهَارِ وَالْإِفْطَارِ وَالْيَمِينِ وَجَزَاءِ الصَّيْدِ (وَالْفِدْيَةِ) حَتَّى لَوْ عَشَّاهُمْ وَغَدَّاهُمْ جَازَ لِوُجُودِ الْإِبَاحَةِ.
وَقَالَ الشَّافِعِيُّ لَا تَجُوزُ الْإِبَاحَةُ فِي الْكَفَّارَاتِ وَالْفِدْيَةِ إلَّا التَّمْلِيكُ (دُونَ الصَّدَقَاتِ) كَالزَّكَاةِ وَصَدَقَةِ الْفِطْرِ (وَالْعُشْرِ) فَفِيهِمَا التَّمْلِيكُ شَرْطٌ وَالضَّابِطُ أَنَّ مَا شُرِعَ بِلَفْظِ الْإِطْعَامِ وَالطَّعَامِ يَجُوزُ فِيهِ التَّمْلِيكُ وَالْإِبَاحَةُ وَمَا شُرِعَ بِلَفْظِ الْإِيتَاءِ أَوْ الْأَدَاءِ يُشْتَرَطُ فِيهِ التَّمْلِيكُ (فَلَوْ غَدَّاهُمْ وَعَشَّاهُمْ) أَيْ أَعْطَى السِّتِّينَ الْغَدَاءَ وَهُوَ الطَّعَامُ قَبْلَ نِصْفِ النَّهَارِ وَالْعَشَاءَ وَهُوَ الطَّعَامُ بَعْدَ نِصْفِ النَّهَارِ أَيْ طَعَامُ الْغَدَاءِ وَالْعَشَاءِ وَفِي كَلِمَةِ الْوَاوِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْغَدَاءُ بِدُونِ الْعَشَاءِ وَلَا بِالْعَكْسِ فَالْمُعْتَبَرُ كِلَاهُمَا (أَوْ غَدَّاهُمْ غَدَاءَيْنِ أَوْ عَشَّاهُمْ عَشَاءَيْنِ وَأَشْبَعَهُمْ جَازَ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ دَفْعُ حَاجَةِ الْفَقِيرِ مَرَّتَيْنِ.
وَفِي التَّبْيِينِ وَيُشْتَرَطُ فِيهِ اتِّحَادُ الْفُقَرَاءِ فِيهِمَا إذْ لَوْ غَدَّى سِتِّينَ وَعَشَّى سِتِّينَ آخَرِينَ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يُعِيدَ عَلَى أَحَدِ السِّتِّينَيْنِ مِنْهُمْ غَدَاءً أَوْ عَشَاءً وَكَذَا يُشْتَرَطُ اتِّحَادُهُمْ فِي الْغَدَاءَيْنِ أَوْ الْعَشَاءَيْنِ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَلَوْ غَدَّاهُمْ يَوْمًا وَعَشَّاهُمْ يَوْمًا جَازَ.
(وَإِنْ قَلَّ مَا أَكَلُوا) يَعْنِي أَنَّ الْمُعْتَبَرَ هُوَ الشِّبَعُ لَا الْمِقْدَارُ (وَلَا بُدَّ مِنْ الْإِدَامِ فِي خُبْزِ الشَّعِيرِ) وَالذُّرَةِ لِيُمْكِنَهُ الِاسْتِيفَاءُ إلَى الشِّبَعِ (دُونَ الْحِنْطَةِ وَلَوْ أَطْعَمَ فَقِيرًا وَاحِدًا سِتِّينَ يَوْمًا أَجْزَأَهُ) ؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ دَفْعُ حَاجَةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute