شَهَادَةُ بَعْضِهِمْ بَعْضًا عِنْدَنَا؛ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مَعَهَا مِنْ أَهْلِيَّةِ الْيَمِينِ وَالْكَافِرُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْيَمِينِ وَلَا بَيْنَ كَافِرَةٍ وَمُسْلِمٍ وَلَا بَيْنَ مَمْلُوكَيْنِ وَلَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مَمْلُوكًا أَوْ صَبِيًّا أَوْ مَجْنُونًا أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ وَأَوْرَدَ أَنَّهُ يَجْرِي بَيْنَ الْأَعْمَيَيْنِ وَالْفَاسِقَيْنِ مَعَ أَنَّهُمَا لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُمَا وَدُفِعَ بِأَنَّهُمَا مِنْ أَهْلِهَا إلَّا أَنَّهَا لَا تُقْبَلُ لِلْفِسْقِ وَلِعَدَمِ تَمْيِيزِ الْأَعْمَى بَيْنَ الْمَشْهُودِ لَهُ وَعَلَيْهِ، وَهَاهُنَا يَقْدِرُ عَلَى أَنْ يَفْصِلَ بَيْنَ نَفْسِهِ وَامْرَأَتِهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَبِهَذَا ظَهَرَ فَسَادُ مَا قَبْلُ يَبْطُلُ هَذَا بِلِعَانِ الْأَعْمَى فَإِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْأَدَاءِ تَأَمَّلْ وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ الْأَعْمَى لَا يُلَاعِنُ (وَهِيَ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا) فَإِنْ كَانَتْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا بِأَنْ تَزَوَّجَتْ بِنِكَاحٍ فَاسِدٍ أَوْ كَانَ لَهَا وَلَدٌ وَلَيْسَ لَهُ أَبٌ مَعْرُوفٌ وَوُجُودُهُ مَعَهَا لَيْسَ بِشَرْطٍ أَوْ زَنَتْ فِي عُمْرِهَا وَلَوْ مَرَّةً أَوْ وُطِئَتْ وَطْئًا حَرَامًا بِشُبْهَةٍ وَلَوْ مَرَّةً لَا يَجْرِي اللِّعَانُ.
وَفِي الْبَحْرِ لَوْ قَذَفَهَا فَتَزَوَّجَتْ غَيْرَهُ فَادَّعَى الْأَوَّلُ الْوَلَدَ لَزِمَهُ وَحُدَّ لِلْقَذْفِ، وَإِنْ وَلَدَتْ مِنْ الثَّانِي لَا شَيْءَ عَلَيْهِ إنْ كَانَ قَبْلَ إكْذَابِ الْأَوَّلِ وَإِنْ بَعْدَ الْإِكْذَابِ لَاعَنَ، وَإِنَّمَا اكْتَفَى بِذِكْرِ الشَّرْطِ الْمَذْكُورِ فِي حَقِّهَا مَعَ أَنَّهُ مَشْرُوطٌ فِي حَقِّهِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْمَرْأَةَ هِيَ الْمَقْذُوفَةُ دُونَهُ فَاخْتَصَّتْ بِاشْتِرَاطِ كَوْنِهَا مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهَا بَعْدَ اشْتِرَاطِ أَهْلِيَّةِ الشَّهَادَةِ بِخِلَافِهِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَقْذُوفٍ بَلْ هُوَ شَاهِدٌ فَاشْتُرِطَتْ أَهْلِيَّةُ الشَّهَادَةِ دُونَ كَوْنِهِ مِمَّنْ يُحَدُّ قَاذِفُهُ كَمَا فِي الْفَتْحِ ثُمَّ الْإِحْصَانُ يُعْتَبَرُ عِنْدَ الْقَذْفِ حَتَّى لَوْ قَذَفَهَا وَهِيَ أَمَةٌ أَوْ كَافِرَةٌ ثُمَّ أُعْتِقَتْ أَوْ أَسْلَمَتْ لَا يَجِبُ الْحَدُّ وَاللِّعَانُ وَكَذَا بِرِدَّتِهَا وَلَا يَعُودُ لَوْ أَسْلَمَتْ بَعْدَهُ وَيَسْقُطُ بِمَوْتِ شَاهِدِ الْقَذْفِ وَغَيْبَتِهِ لَا لَوْ عَمِيَ الشَّاهِدُ أَوْ فَسَقَ أَوْ ارْتَدَّ.
وَفِي التَّنْوِيرِ لَوْ قَالَ زَنَيْت وَأَنْتِ صَبِيَّةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ " وَهُوَ " أَيْ الْجُنُونُ " مَعْهُودٌ " فَلَا لِعَانَ بِخِلَافِ مَا لَوْ قَالَ زَنَيْت وَأَنْتِ ذِمِّيَّةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً وَعُمْرُهَا أَقَلُّ (أَوْ نَفَى) عَطْفٌ عَلَى قَذَفَ أَوْ بِالزِّنَا أَيْ بَعْدَ الزَّوَاجِ مِنْهُ بِأَنْ يَقُولَ لَيْسَ مِنِّي (نَسَبَ وَلَدِهَا) هُوَ أَعَمُّ مِنْ كَوْنِهِ وَلَدَهُ مِنْهَا أَوْ وَلَدَهَا مِنْ غَيْرِهِ وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَا صَرَّحَ مَعَهُ بِالزِّنَا أَوْ لَمْ يُصَرِّحْ عَلَى مُخْتَارِ أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ خِلَافًا لِمَا فِي الْمُحِيطِ (وَطَالَبَتْهُ) أَيْ الزَّوْجَةُ (بِمُوجِبِهِ) أَيْ الْقَذْفِ وَهُوَ الْحَدُّ فَإِنَّهُ حَقُّهَا فَلَا بُدَّ مِنْ طَلَبِهَا كَسَائِرِ حُقُوقِهَا؛ وَلِأَنَّهُ مِنْ شَرْطِ اللِّعَانِ، وَإِذَا لَمْ تَكُنْ عَفِيفَةً لَيْسَ لَهَا الْمُطَالَبَةُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهَا لَوْ لَمْ تَطْلُبْ حَقَّهَا لَمْ يَبْطُلْ وَإِنْ طَالَتْ الْمُدَّةُ لَكِنْ لَوْ سَكَتَتْ وَلَمْ تَرْفَعْ إلَى الْحَاكِمِ لَكَانَ أَفْضَلَ، وَيَنْبَغِي لِلْحَاكِمِ أَنْ يَقُولَ لَهَا اُتْرُكِي وَأَعْرِضِي عَنْ هَذَا (وَجَبَ عَلَيْهِ اللِّعَانُ) إنْ اعْتَرَفَ بِالْقَذْفِ أَوْ أَقَامَتْ عَدْلَيْنِ مَعَ إنْكَارِهِ وَإِنْ أَقَامَتْ رَجُلًا وَامْرَأَتَيْنِ لَا تُقْبَلُ وَإِنْ لَمْ تَجِدْ لَا تَحْلِفُ اتِّفَاقًا (فَإِنْ أَبَى) أَيْ امْتَنَعَ زَوْجٌ عَنْ اللِّعَانِ (حُبِسَ) أَيْ حَبَسَهُ الْحَاكِمُ (حَتَّى يُلَاعِنَ أَوْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ) .
وَفِي الْإِصْلَاحِ هَاهُنَا غَايَةٌ أُخْرَى يَنْتَهِي الْحَبْسُ عِنْدَهَا وَهِيَ أَنْ تَبِينَ مِنْهُ بِطَلَاقٍ أَوْ غَيْرِهِ (فَيُحَدُّ) وَلَا يَجُوزُ الْعَفْوُ وَالْإِبْرَاءُ وَلَا الصُّلْحُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute