للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

فَإِنْ لَاعَنَ) الزَّوْجُ (وَجَبَ اللِّعَانُ عَلَيْهَا) بِالنَّصِّ (فَإِنْ أَبَتْ) الْمَرْأَةُ عَنْ اللِّعَانِ (حُبِسَتْ) عِنْدَنَا (حَتَّى تُلَاعِنَ أَوْ تُصَدِّقَهُ) وَلَمْ يَقُلْ فَتُحَدُّ كَمَا فِي بَعْضِ نُسَخِ الْقُدُورِيِّ لِكَوْنِهِ غَلَطًا؛ لِأَنَّ الْحَدَّ لَا يَجِبُ بِالْإِقْرَارِ مَرَّةً فَكَيْفَ يَجِبُ بِالتَّصْدِيقِ وَفِي التَّبْيِينِ وَغَيْرِهِ، وَلَوْ صَدَّقَتْهُ فِي نَفْيِ الْوَلَدِ فَلَا حَدَّ وَلَا لِعَانَ وَهُوَ وَلَدُهُمَا؛ لِأَنَّ النَّسَبَ إنَّمَا يَنْقَطِعُ حُكْمًا بِاللِّعَانِ، وَلَمْ يُوجَدْ، وَهُوَ حَقُّ الْوَلَدِ فَلَا يُصَدَّقَانِ فِي إبْطَالِهِ، وَبِهَذَا ظَهَرَ فَسَادُ مَا قِيلَ فَيَنْفِي نَسَبَ وَلَدِهَا عَنْهُ لَكِنْ لَا يَجِبُ عَلَيْهَا الْحَدُّ بِهَذَا التَّصْدِيقِ تَأَمَّلْ.

(فَإِنْ لَمْ يَكُنْ الزَّوْجُ مِنْ أَهْلِ الشَّهَادَةِ بِأَنْ كَانَ عَبْدًا أَوْ كَافِرًا) صُورَتُهُ أَنْ يَكُونَا كَافِرَيْنِ وَأَسْلَمَتْ الْمَرْأَةُ فَقَذَفَهَا زَوْجُهَا قَبْلَ أَنْ يَعْرِضَ عَلَيْهِ الْإِسْلَامَ (أَوْ مَحْدُودًا فِي قَذْفٍ) كَمَا حَقَّقْنَاهُ آنِفًا (وَهِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ (مِنْ أَهْلِهَا) أَيْ الشَّهَادَةِ (حُدَّ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِ اللِّعَانِ لِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهِ لِلشَّهَادَةِ (وَإِنْ كَانَ) الزَّوْجُ (أَهْلًا وَهِيَ) أَيْ الْمَرْأَةُ (صَغِيرَةٌ أَوْ أَمَةٌ أَوْ مَجْنُونَةٌ أَوْ مَحْدُودَةٌ فِي قَذْفٍ أَوْ كَافِرَةٌ أَوْ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا) كَمَا بَيَّنَّاهُ آنِفًا وَلَوْ اكْتَفَى فَقَالَ: وَهِيَ مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا لَكَانَ أَخْصَرَ وَأَوْلَى؛ لِأَنَّ الْإِمَائِيَّةَ وَغَيْرَهَا أَسْبَابٌ لِكَوْنِهَا مِمَّنْ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهَا تَأَمَّلْ.

(فَلَا حَدَّ) عَلَيْهِ (وَلَا لِعَانَ) أَمَّا عَدَمُ الْحَدِّ فَلِامْتِنَاعِ اللِّعَانِ مِنْ جِهَتِهَا عَلَى مَا صُرِّحَ فِي الْهِدَايَةِ وَذَلِكَ أَنَّ مُوجِبَ الْقَذْفِ فِي حَقِّ الزَّوْجِ عِنْدَنَا بِاللِّعَانِ، وَإِنَّمَا يُصَارُ إلَى الْحَدِّ عِنْدَ تَعَذُّرِ اللِّعَانِ مِنْ جِهَتِهَا، وَأَمَّا عَدَمُ اللِّعَانِ فَلِعَدَمِ أَهْلِيَّتِهَا لِلشَّهَادَةِ وَعَدَمِ عِفَّتِهَا وَلَكِنَّهُ يُعَزَّرُ لِإِلْحَاقِهِ الشَّيْنَ بِهَا (وَصِفَتُهُ) أَيْ اللِّعَانِ مَا نَطَقَ بِهِ النَّصُّ الْقُرْآنِيُّ وَالْمُرَادُ بِالصِّفَةِ الرُّكْنُ؛ لِأَنَّ صِفَتَهُ عَلَى مَا سَيَأْتِي لَمْ يَنْطِقْ بِهِ النَّصُّ الْقُرْآنِيُّ وَإِنَّمَا وَرَدَ فِي السُّنَّةِ (أَنْ يَبْتَدِئَ) الْقَاضِي (بِالزَّوْجِ) بَعْدَ أَنْ أَوْقَفَهُ مَعَ الْمَرْأَةِ مُتَقَابِلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ هُوَ الْمُدَّعِي أَوَّلًا؛ لِأَنَّ «النَّبِيَّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - بَدَأَ بِهِ فِيهِ» فَلَوْ أَخْطَأَ الْقَاضِي فَبَدَأَ بِالْمَرْأَةِ يَنْبَغِي أَنْ يُعِيدَهُ وَلَوْ فَرَّقَ قَبْلَ الْإِعَادَةِ جَازَ وَقَدْ أَخْطَأَ السُّنَّةَ.

وَفِي الْفَتْحِ، وَهُوَ الْوَجْهُ (فَيَقُولُ) الزَّوْجُ بِأَمْرِ الْقَاضِي بَعْدَمَا ضَمَّهُمَا بَيْنَ يَدَيْهِ قَائِمًا (أَرْبَعَ مَرَّاتٍ) ؛ لِأَنَّهُ شَاهِدٌ لِنَفْسِهِ وَشُهُودُ الزِّنَا أَرْبَعَةٌ (أَشْهَدُ) أَيْ مُقْسِمًا أَوْ أُقْسِمُ (بِاَللَّهِ) الَّذِي لَا إلَهَ إلَّا هُوَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (إنِّي) أَيْ بِأَنِّي (صَادِقٌ فِيمَا رَمَيْتهَا بِهِ مِنْ الزِّنَا) ثُمَّ يَقُولُ الْقَاضِي: اتَّقِ اللَّهَ فَإِنَّهَا مُوجِبَةٌ يَعْنِي لَعْنَةً وَفُرْقَةً وَعُقُوبَةً فَإِنْ لَمْ يَسْمَعْ كَلَامَهُ يُتِمُّ الْأَمْرَ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.

(وَ) يَقُولُ (فِي) الْمَرَّةِ (الْخَامِسَةِ) إنَّ (لَعْنَةَ اللَّهِ) بِتَاءِ الْمُوَحَّدَةِ (عَلَيْهِ) وَإِنَّمَا آثَرَ الْغَيْبَةَ

<<  <  ج: ص:  >  >>