للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

ثُمَّ قَالَ: وَإِنَّمَا أَكْثَرْنَا مِنْ هَذِهِ الْمَسَائِلِ تَنْبِيهًا لِلْأَزْوَاجِ لِمَا نَرَاهُ فِي زَمَانِنَا مِنْ تَقْصِيرِهِمْ فِي حُقُوقِهِنَّ حَتَّى أَنَّهُ يَأْمُرُهَا بِفَرْشِ أَمْتِعَتِهَا جَبْرًا عَلَيْهَا، وَكَذَلِكَ لِأَضْيَافِهِ وَبَعْضُهُمْ لَا يُعْطِي لَهَا كِسْوَةً حَتَّى كَانَتْ عِنْدَ الدُّخُولِ غَنِيَّةً ثُمَّ صَارَتْ فَقِيرَةً، وَهَذَا كُلُّهُ حَرَامٌ (وَلَوْ) كَانَ الزَّوْجُ (مُعْسِرًا لَا تَلْزَمُهُ نَفَقَةُ الْخَادِمِ فِي الْأَصَحِّ) مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ.

وَقَالَ مُحَمَّدٌ عَلَيْهِ نَفَقَةُ خَادِمٍ (وَلَوْ فُرِضَتْ) أَيْ نَفَقَةُ زَوْجَتِهِ نَفَقَةَ الْعِسَارِ (لِإِعْسَارِهِ) أَيْ لِأَجْلِ إعْسَارِهِ أَوْ وَقْتِ إعْسَارِهِ (ثُمَّ أَيْسَرَ) الزَّوْجُ (فَخَاصَمَتْهُ) لِلْإِتْمَامِ (تَمَّمَ لَهَا نَفَقَةَ الْيَسَارِ) ؛ لِأَنَّ النَّفَقَةَ تَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ وَمَا قَضَى بِهِ تَقْدِيرُ النَّفَقَةِ لَمْ تُجِبْهُ؛ لِأَنَّهَا تَجِبُ شَيْئًا فَشَيْئًا فَإِذَا تَبَدَّلَ حَالُهُ فَلَهَا الْمُطَالَبَةُ بِتَمَامِ حَقِّهَا (وَبِالْعَكْسِ) أَيْ لَوْ فُرِضَتْ لِيَسَارِهِ ثُمَّ أَعْسَرَ (تَلْزَمُ نَفَقَةُ الْإِعْسَارِ) .

وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَسْتَقِيمُ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ حَيْثُ اُعْتُبِرَ حَالُ الزَّوْجِ فَقَطْ وَلَمْ يُعْتَبَرْ حَالُ الْمَرْأَةِ أَصْلًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ وَلَا تَسْتَقِيمُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْخَصَّافُ مِنْ اعْتِبَارِ حَالِهِمَا عَلَى مَا عَلَيْهِ الِاعْتِمَادُ فَيَكُونُ فِيهِ نَوْعُ تَنَاقُضٍ مِنْ الشَّيْخِ؛ لِأَنَّ ذِكْرَهُ فِي أَوَّلِ الْبَابِ قَوْلُ الْخَصَّافِ ثُمَّ بَنَى الْحُكْمَ هُنَا عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ انْتَهَى. لَكِنْ فِي الْفَتْحِ وَهُوَ مَرْدُودٌ بَلْ هُوَ مُسْتَقِيمٌ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْخِلَافَ إنَّمَا يَظْهَرُ فِيمَا إذَا كَانَ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا فَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ هُنَا أَعَمُّ مِنْ ذَلِكَ فَلَوْ كَانَا مُعْسِرَيْنِ وَقَضَى بِنَفَقَةِ الْإِعْسَارِ ثُمَّ أَيْسَرَا فَإِنَّهُ يُتَمِّمُ نَفَقَةَ الْيَسَارِ اتِّفَاقًا وَإِذَا أَيْسَرَ الرَّجُلُ وَحْدَهُ فَإِنَّهُ يُقْضَى بِنَفَقَةِ يَسَارِهِ وَنَفَقَةِ إعْسَارِهَا، وَهِيَ الْوَسَطُ عِنْدَ الْخَصَّافِ، وَكَذَا إذَا أَيْسَرَتْ وَحْدَهَا قُضِيَ بِالْوَسَطِ عِنْدَهُ فَصَارَ كَلَامُهُ شَامِلًا لِلصُّوَرِ الثَّلَاثِ بِهَذَا الِاعْتِبَارِ، وَمَتَى أَمْكَنَ الْحَمْلُ فَلَا تَنَاقُضَ انْتَهَى. وَيُمْكِنُ التَّوْجِيهُ بِوَجْهٍ آخَرَ بِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ مَفْرُوضَةٌ فِي مُوسِرَةٍ مُتَزَوِّجَةٍ بِمُعْسِرٍ ثُمَّ أَيْسَرَ، وَكَذَا بِالْعَكْسِ أَوْ بِأَنَّ الْكَلَامَ الثَّانِيَ فِي قَضَاءِ الْقَاضِي، وَمَا ذَكَرَهُ كَانَ بِطَرِيقِ الْإِفْتَاءِ فَلَا تَنَاقُضَ تَدَبَّرْ.

فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ وَجَبَ الْوَسَطُ كَمَا فِي التَّنْوِيرِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى هَذِهِ التَّكَلُّفَاتِ تَأَمَّلْ (وَلَا نَفَقَةَ لِنَاشِزَةٍ) أَيْ عَاصِيَةٍ مَا دَامَتْ عَلَى تِلْكَ الْحَالَةِ ثُمَّ وَصَفَهَا عَلَى وَجْهِ الْكَشْفِ فَقَالَ (خَرَجَتْ) النَّاشِزَةُ (مِنْ بَيْتِهِ) خُرُوجًا حَقِيقِيًّا أَوْ حُكْمِيًّا (بِغَيْرِ حَقٍّ) وَإِذْنٍ

<<  <  ج: ص:  >  >>