وَأَكْثَرُهُمْ فُسَّاقٌ شَرُّهُمْ أَكْثَرُ مِنْ خَيْرِهِمْ يَحْضُرُونَ الدَّرْسَ سَاعَةً لِخِلَافِيَّاتٍ رَكِيكَةٍ ضَرَرُهَا فِي الدِّينِ أَكْبَرُ مِنْ نَفْعِهَا ثُمَّ يَشْتَغِلُونَ طُولَ النَّهَارِ بِالسُّخْرِيَةِ وَالْغِيبَةِ وَالْوُقُوعِ فِي النَّاسِ وَغَيْرِهَا مِمَّا يَسْتَحِقُّونَ بِهِ أَصْلَحَهُمْ اللَّهُ تَعَالَى وَإِيَّانَا بِجَاهِ نَبِيِّهِ وَلَوْ عَلِمَ السَّلَفُ حَالَهُمْ لَحَرَّمُوا الْإِنْفَاقَ عَلَيْهِمْ فَضْلًا أَنْ يَفْرِضُوا نَفَقَاتِهِمْ ثُمَّ قَالَ قُلْت لَكِنْ نَرَى طَلَبَةَ الْعِلْمِ بَعْدَ الْفِتْنَةِ الْعَامَّةِ مُشْتَغِلِينَ بِالْفِقْهِ وَالْأَدَبِ اللَّذَيْنِ هُمَا قَوَاعِدُ الدِّينِ وَأُصُولُ كَلَامِ الْعَرَبِ وَالِاشْتِغَالُ بِالْكَسْبِ يَمْنَعُهُمْ عَنْ التَّحْصِيلِ وَيُؤَدِّي إلَى ضَيَاعِ الْعِلْمِ وَالتَّعْطِيلِ فَكَانَ الْمُخْتَارُ الْآنَ قَوْلَ السَّلَفِ (وَيُجْبَرُ) أَيْ الْمُوسِرُ (عَلَيْهَا) أَيْ عَلَى النَّفَقَةِ لِإِيفَاءِ حَقٍّ مُسْتَحَقٍّ عَلَيْهِ (وَتُقَدَّرُ) النَّفَقَةُ (بِقَدْرِ الْإِرْثِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَعَلَى الْوَارِثِ مِثْلُ ذَلِكَ} [البقرة: ٢٣٣] فَجَعَلَ الْعِلَّةَ هِيَ الْإِرْثُ فَيُقَدَّرُ الْوُجُوبُ بِقَدْرِ الْعِلَّةِ (حَتَّى لَوْ كَانَ لَهُ) أَيْ لِلصَّغِيرِ مَثَلًا (أَخَوَاتٌ مُتَفَرِّقَاتٌ) مُوسِرَاتٌ (فَنَفَقَتُهُ عَلَيْهِنَّ أَخْمَاسًا كَمَا يَرِثْنَ مِنْهُ) أَخْمَاسًا ثَلَاثَةُ أَخْمَاسِهَا عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَأُمٍّ وَخُمُسُهَا عَلَى الْأُخْتِ لِأَبٍ وَخُمُسُهَا عَلَى الْأُخْتِ لِأُمٍّ فَرْضًا وَرَدًّا (وَيُعْتَبَرُ فِيهَا) أَيْ فِي نَفَقَةِ ذِي الرَّحِمِ الْمَحْرَمِ (أَهْلِيَّةُ الْإِرْثِ) بِأَنْ يَكُونَ وَارِثًا فِي الْجُمْلَةِ وَإِنْ كَانَ مَحْجُوبًا بِغَيْرِهِ (لَا حَقِيقَتُهُ) بِأَنْ يَكُونَ مُحْرِزًا لِلْمِيرَاثِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ إلَّا بَعْدَ الْمَوْتِ وَفُرِّعَ عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ (فَنَفَقَةُ مَنْ) أَيْ فَقِيرٍ (لَهُ خَالٌ وَابْنُ عَمٍّ) مُوسِرَانِ (عَلَى خَالِهِ) ؛ لِأَنَّهُ مَحْرَمٌ وَيُحْرِزُ مِيرَاثَهُ ابْنُ عَمِّهِ؛ لِأَنَّهُ عَصَبَتُهُ وَهَذَا؛ لِأَنَّ سَبَبَ الْإِرْثِ ثَابِتٌ لِلْخَالِ فَإِنَّ ابْنَ الْعَمِّ لَوْ مَاتَ قَبْلَ الْخَالِ يُحْرِزُ مِيرَاثَهُ الْخَالُ وَإِذَا اسْتَوَيَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ وَأَهْلِيَّةِ الْإِرْثِ يُرَجَّحُ مَنْ كَانَ وَارِثًا فِي الْحَالِ فَلَوْ كَانَ لَهُ عَمٌّ وَخَالٌ أَوْ عَمٌّ وَعَمَّةٌ فَالنَّفَقَةُ عَلَى الْعَمِّ لِاسْتِوَائِهِمَا فِي الْمَحْرَمِيَّةِ وَيُرَجَّحُ الْعَمُّ بِكَوْنِهِ وَارِثًا فِي الْحَالِ (وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الْأَبِ عَلَى ابْنِهِ) .
وَفِي الْجَوْهَرَةِ إنْ احْتَاجَ الْأَبُ إلَى زَوْجَةٍ وَالِابْنُ مُوسِرٌ وَجَبَ عَلَيْهِ أَنْ يُزَوِّجَهُ أَوْ يَشْتَرِيَ لَهُ جَارِيَةً وَيَلْزَمَهُ نَفَقَتُهُمَا وَكِسْوَتُهُمَا وَإِنْ كَانَ لِلْأَبِ أَكْثَرُ مِنْ زَوْجَةٍ لَمْ تَلْزَمْ الِابْنَ إلَّا نَفَقَةٌ وَاحِدَةٌ يُوَزِّعُهُ الْأَبُ عَلَيْهِنَّ لَكِنْ فِي الْبَحْرِ أَنَّ الْمَذْهَبَ عَدَمُ وُجُوبِ نَفَقَةِ امْرَأَةِ الْأَبِ أَوْ جَارِيَتِهِ حَيْثُ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ عِلَّةٌ فَإِنَّ الْقَوْلَ بِالْوُجُوبِ مُطْلَقًا إنَّمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ.
(وَنَفَقَةُ زَوْجَةِ الِابْنِ عَلَى أَبِيهِ إنْ كَانَ) الِابْنُ (صَغِيرًا) فَقِيرًا (أَوْ) كَانَ كَبِيرًا فَقِيرًا (زَمِنًا) بِحَيْثُ لَا يَقْدِرُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute