الْفَسْخَ وَهُنَا السَّبَبُ إزَالَةُ الْمِلْكِ لَا إلَى أَحَدٍ فَلَا يَحْتَمِلُ الْفَسْخَ (وَقَالَا يُعْتَقُ كُلُّهُ وَلَا يَسْعَى) بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْعِتْقَ لَا يَتَجَزَّأُ بِالِاتِّفَاقِ فَكَذَا الْإِعْتَاقُ عِنْدَهُمَا وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ إثْبَاتُ الْعِتْقِ كَالْكَسْرِ مَعَ الِانْكِسَارِ فَيَلْزَمُ مِنْ عَدَمِ تَجَزُّؤِ اللَّازِمِ وَهُوَ الْعِتْقُ عَدَمُ تَجَزُّؤِ مَلْزُومِهِ وَهُوَ الْإِعْتَاقُ، لَكِنَّ الْإِمَامَ يَقُولُ الْإِعْتَاقُ إزَالَةُ الْمِلْكِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ لِلْمَالِكِ إلَّا إزَالَةُ حَقِّهِ وَهُوَ الْمِلْكُ وَالْمِلْكُ مُتَجَزِّئٌ فَكَذَا إزَالَتُهُ، فَإِعْتَاقُ الْبَعْضِ إثْبَاتُ شَطْرِ الْعِلَّةِ فَلَا يَتَحَقَّقُ الْمَعْلُولُ إلَّا أَنْ يَتَحَقَّقَ تَمَامُ الْعِلَّةِ وَهُوَ إزَالَةُ الْمِلْكِ كُلِّهِ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ.
وَقَالَ الزَّيْلَعِيُّ وَأَصْلُهُ أَنَّ الْإِعْتَاقَ يُوجِبُ زَوَالَ الْمِلْكِ عِنْدَهُ وَهُوَ مُتَجَزِّئٌ، وَعِنْدَهُمَا يُوجِبُ زَوَالَ الرِّقِّ وَهُوَ غَيْرُ مُتَجَزِّئٌ وَأَمَّا نَفْسُ الْإِعْتَاقِ أَوْ الْعِتْقِ لَا يَتَجَزَّأُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ ذَاتُ الْقَوْلِ وَهُوَ الْعِلَّةُ وَحُكْمُهُ وَهُوَ نُزُولُ الْحُرِّيَّةِ فِيهِ لَا يُتَصَوَّرُ فِيهِ التَّجَزُّؤُ وَكَذَا الرِّقُّ لَا يَتَجَزَّأُ بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ ضَعْفٌ حُكْمِيٌّ وَالْحُرِّيَّةُ قُوَّةٌ حُكْمِيَّةٌ فَلَا يُتَصَوَّرُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي شَخْصٍ وَاحِدٍ فَإِذَا ثَبَتَ هَذَا فَأَبُو حَنِيفَةَ اعْتَبَرَ جَانِبَ الرِّقِّ فَجُعِلَ كُلُّهُ رَقِيقًا عَلَى مَا كَانَ وَقَدْ قَالَ زَالَ مِلْكُهُ عَنْ الْبَعْضِ الَّذِي أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَكُنْ ذَلِكَ الْبَعْضُ حُرًّا وَهُمَا اعْتَبَرَا جَانِبَ الْحُرِّيَّةِ فَصَارَ كُلُّهُ حُرًّا.
(وَإِنْ أَعْتَقَ شَرِيكٌ) فِي عَبْدٍ (نَصِيبَهُ مِنْهُ) كَالنِّصْفِ وَغَيْرِهِ بِلَا إذْنٍ (فَلِلْآخَرِ) أَيْ لِلشَّرِيكِ الْآخَرِ (أَنْ يُعْتِقَ أَوْ يُدَبِّرَ أَوْ يُكَاتِبَ) نَصِيبَهُ إنْ شَاءَ؛ لِأَنَّ الْإِعْتَاقَ مُتَجَزِّئٌ عِنْدَ الْإِمَامِ فَنَصِيبُهُ مَمْلُوكٌ لَهُ (أَوْ يَسْتَسْعِي) أَيْ يَطْلُبُ الْآخَرُ سِعَايَةَ الْعَبْدِ فِي قِيمَةِ نَصِيبِهِ يَوْمَ الْعَتَاقِ، وَلَوْ كَانَ الْآخَرُ صَبِيًّا فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلِيٌّ أَوْ وَصِيٌّ فَالْخِيَارُ لَهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ نَصَّبَ الْقَاضِي لَهُ وَصِيًّا أَوْ يَنْتَظِرُ بُلُوغَهُ، (وَالْوَلَاءُ لَهُمَا) أَيْ لِلْمُعْتِقِ وَلِلْآخَرِ بِقَدْرِ نَصِيبِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا الْمُعْتِقَانِ (أَوْ يَضْمَنُ) الشَّرِيكُ الْآخَرُ (الْمُعْتِقَ) يَوْمَ الْعِتْقِ؛ لِأَنَّهُ جَنَى عَلَى نَصِيبِهِ بِمَا مَنَعَهُ مِنْ التَّصَرُّفِ فِيهِ بِمَا عَدَا الْعَتَاقَ وَتَوَابِعَهُ، وَفِيهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ الِاعْتِبَارَ فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ لِيَوْمِ الْعَتَاقِ فَلَوْ أَيْسَرَ ثُمَّ أَعْسَرَ لَمْ يَسْقُطْ الضَّمَانُ بِخِلَافِ الْعَكْسِ وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْيَسَارِ وَالْإِعْسَارِ يُحَكَّمُ الْحَالُ إلَّا أَنْ يَكُونَ بَيْنَ الْخُصُومَةِ، وَلِلْعِتْقِ مُدَّةٌ يَخْتَلِفُ فِيهَا الْأَحْوَالُ فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ، وَلَوْ اخْتَلَفَا فِي الْقِيمَةِ يَوْمَ الْعِتْقِ فَإِنْ كَانَ قَائِمًا يُقَوَّمُ لِلْحَالِ وَإِنْ كَانَ هَالِكًا فَالْقَوْلُ لِلْمُعْتِقِ؛ لِأَنَّهُ مُنْكِرٌ وَإِلَى أَنَّهُ لَهُ خِيَارُ الِاسْتِسْعَاءِ وَالتَّضْمِينِ، لَكِنْ لَوْ اخْتَارَ الِاسْتِسْعَاءَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى التَّضْمِينِ كَمَا لَوْ اخْتَارَ التَّضْمِينَ لَمْ يَرْجِعْ إلَى الِاسْتِسْعَاءِ، وَعَنْهُ أَنَّهُ يَرْجِعُ إلَّا إذَا حَكَمَ بِهِ حَاكِمٌ كَمَا فِي الْمُحِيطِ: وَإِلَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَكَ بَيْنَ جَمَاعَةٍ جَازَ أَنْ يُعْتِقَ بَعْضُهُمْ نَصِيبَهُ وَيَخْتَارَ بَعْضٌ الضَّمَانَ وَبَعْضٌ الْإِعْتَاقَ وَبَعْضٌ السِّعَايَةَ وَكَذَا إذَا مَاتَ السَّاكِتُ فَلِوَرَثَتِهِ إحْدَى الْخِيَارَاتِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ؛ لِأَنَّهُمْ قَائِمُونَ مَقَامَ مُوَرِّثِهِمْ وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا الِاجْتِمَاعُ (لَوْ) كَانَ (مُوسِرًا) مَالِكًا مِقْدَارَ نَصِيبِ السَّاكِتِ مِنْ الْمَالِ وَالْغَرَضِ سِوَى مَلْبُوسِهِ وَنَفَقَةِ عِيَالِهِ وَسُكْنَاهُ كَمَا فِي التَّبْيِينِ وَالظَّاهِرُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَمْلِكْ هَذَا الْمِقْدَارَ لَا يَكُونُ ضَامِنًا بَلْ إنْ شَاءَ الْآخَرُ أَعْتَقَ أَوْ اسْتَسْعَى وَلَا يَرْجِعُ الْعَبْدُ بِمَا يُؤَدِّي بِالْإِجْمَاعِ؛ لِأَنَّهُ أَدَّى لِفِكَاكِ رَقَبَتِهِ.
وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُؤَجَّرُ مِنْ رَجُلٍ وَلَوْ صَغِيرًا يَعْقِلُ فَأَخَذَ مِنْ أُجْرَتِهِ كَمَا يُؤَجَّرُ الْمَدْيُونُ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute