للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَفِي الْمُخْتَارِ وَلَوْ مَاتَ الْعَبْدُ قَبْلَ أَنْ يَخْتَارَ السَّاكِتُ شَيْئًا لَيْسَ لَهُ إلَّا التَّضْمِينُ وَلَوْ مَاتَ الْمُعْتِقُ يُؤْخَذُ الضَّمَانُ مِنْ مَالِهِ إنْ كَانَ الْعِتْقُ فِي الصِّحَّةِ وَإِنْ فِي الْمَرَضِ فَلَا شَيْءَ فِي تَرِكَتِهِ بَلْ يَسْعَى الْعَبْدُ عِنْدَهُ.

وَعَنْ مُحَمَّدٍ يُؤْخَذُ مِنْ تَرِكَتِهِ وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ (وَيَرْجِعُ بِهِ) أَيْ بِمَا ضَمِنَهُ (الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ) لِقِيَامِهِ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ مَقَامَ الْآخَرِ وَقَدْ كَانَ لِلْآخَرِ الِاسْتِسْعَاءُ (وَالْوَلَاءُ) كُلُّهُ (لَهُ) ؛ لِأَنَّ الْعِتْقَ كُلَّهُ مِنْ جِهَتِهِ حَيْثُ مَلَكَهُ بِأَدَاءِ الضَّمَانِ (وَقَالَا لَيْسَ لِلْآخَرِ إلَّا الضَّمَانُ مَعَ الْيَسَارِ وَالسِّعَايَةِ مَعَ الْإِعْسَارِ) وَلَيْسَ لَهُ السِّعَايَةُ غَنِيًّا وَلَا الْإِعْتَاقُ غَنِيًّا أَوْ فَقِيرًا إذْ الْإِعْتَاقُ لَا يَتَجَزَّأُ عِنْدَهُمَا.

(وَلَا يَرْجِعُ الْمُعْتِقُ عَلَى الْعَبْدِ لَوْ ضَمِنَ وَالْوَلَاءُ لَهُ) أَيْ الْمُعْتِقِ (فِي الْحَالَيْنِ) وَمَبْنِيُّ هَذَا الْخِلَافِ عَلَى أَصْلَيْنِ أَحَدُهُمَا تَجَزُّؤُ الْإِعْتَاقِ وَعَدَمُهُ عَلَى مَا قَرَّرْنَاهُ وَالثَّانِي أَنَّ يَسَارَ الْمُعْتِقِ لَا يَمْنَعُ اسْتِسْعَاءَ الْعَبْدِ عِنْدَهُ وَيَمْنَعُ عِنْدَهُمَا لِقَوْلِهِ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «فِي الرَّجُلِ يُعْتِقُ نَصِيبَهُ إنْ كَانَ غَنِيًّا ضَمِنَ وَإِنْ كَانَ فَقِيرًا يَسْعَى فِي حِصَّةِ الْآخَرِ» قَسَمَ أَيْ النَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - هَذَا الْحُكْمَ وَالْقِسْمَةُ تَقْتَضِي قَطْعَ الشَّرِكَةِ، وَلَهُ أَنَّ مَالِيَّةَ نَصِيبِهِ اُحْتُبِسَتْ عِنْدَ الْعَبْدِ فَلَهُ أَنْ يُضَمِّنَهُ كَمَا إذَا هَبَّتْ الرِّيحُ بِثَوْبِ إنْسَانٍ وَأَلْقَتْهُ فِي صِبْغِ غَيْرِهِ حَتَّى انْصَبَغَ بِهِ فَعَلَى صَاحِبِ الثَّوْبِ قِيمَةُ صِبْغِ الْآخَرِ مُوسِرًا كَانَ أَوْ مُعْسِرًا فَكَذَا هُنَا، إلَّا أَنَّ الْعَبْدَ فَقِيرٌ فَيَسْتَسْعِيَهُ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ فِي الْمُوسِرِ كَقَوْلِهِمَا، وَفِي الْمُعْسِرِ يَبْقَى مِلْكُ شَرِيكِهِ كَمَا كَانَ فَلَهُ بَيْعُهُ وَهِبَتُهُ وَعِتْقُهُ سِوَى السِّعَايَةِ.

(وَلَوْ شَهِدَ كُلٌّ مِنْهُمَا) أَيْ الشَّرِيكَيْنِ الْحَاضِرَيْنِ (بِإِعْتَاقِ شَرِيكِهِ) نَصِيبَهُ فَأَنْكَرَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ (سَعَى) الْعَبْدُ (لَهُمَا) أَيْ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا (فِي حَظِّهِمَا) مُطْلَقًا مُوسِرَيْنِ كَانَا أَوْ مُعْسِرَيْنِ أَوْ أَحَدُهُمَا مُوسِرًا وَالْآخَرُ مُعْسِرًا عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَزْعُمُ أَنَّ صَاحِبَهُ أَعْتَقَ نَصِيبَهُ فَكَانَ كَالْمُكَاتَبِ وَحَرُمَ عَلَيْهِ اسْتِرْقَاقُهُ فَيُصَدَّقُ كُلٌّ مِنْهُمَا فِي حَقِّ نَفْسِهِ فَتَعَيَّنَ السِّعَايَةُ لَهُمَا وَإِنَّمَا لَمْ يَجِبْ التَّضْمِينُ مَعَ الْيَسَارِ لِإِنْكَارِهِ الْإِعْتَاقَ (وَالْوَلَاءُ) يَكُونُ (بَيْنَهُمَا كَيْفَ مَا كَانَا) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَقُولُ عِتْقُ نَصِيبِ شَرِيكِي بِإِعْتَاقِهِ وَوَلَاؤُهُ لَهُ وَعِتْقُ نَصِيبِي بِالسِّعَايَةِ وَوَلَاؤُهُ لِي فَيَكُونُ الْأَمْرُ فِي حَقِّهِمَا عَلَى مَا زَعَمَا وَلِهَذَا لَا يُعْتَقُ مِنْ الْعَبْدِ شَيْءٌ حَتَّى يُوَفِّيَهُمَا بِالسِّعَايَةِ (وَقَالَا يَسْعَى لِلْمُعْسِرَيْنِ) ؛ لِأَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَدَّعِي

<<  <  ج: ص:  >  >>