الَّتِي يُرَادُ بِهَا مَعَانِيهَا الَّتِي وُضِعَتْ فِي الْعُرْفِ كَمَا أَنَّ الْعَرَبِيَّ حَالَ كَوْنِهِ مِنْ أَهْلِ اللُّغَةِ إنَّمَا يَتَكَلَّمُ بِالْحَقَائِقِ اللُّغَوِيَّةِ وَيَجِبُ صَرْفُ أَلْفَاظِ الْمُتَكَلِّمِ إلَى مَا عُهِدَ أَنَّهُ الْمُرَادُ بِهَا وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ.
(حَلَفَ) بِالْقَسَمِ أَوْ الشَّرْطِيَّةِ (لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ الْكَعْبَةَ أَوْ الْمَسْجِدَ أَوْ الْبِيعَةَ أَوْ الْكَنِيسَةَ لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّ الْبَيْتَ أُعِدَّ لِلْبَيْتُوتَةِ وَهَذِهِ الْبِقَاعُ مَا بُنِيَتْ لَهَا وَتَسْمِيَةُ الْبَيْتِ لِلْكَعْبَةِ، وَالْمَسْجِدِ مَجَازٌ وَمُطْلَقُ الِاسْمِ يَنْصَرِفُ إلَى الْحَقِيقَةِ.
(وَكَذَا) أَيْ لَا يَحْنَثُ (لَوْ دَخَلَ دِهْلِيزًا) مُعَرَّبٌ بِكَسْرِ الدَّالِ، وَهُوَ مَا بَيْنَ الْبَابِ وَدَاخِلِ الدَّارِ (أَوْ ظُلَّةَ بَابِ دَارٍ إنْ كَانَ لَوْ أُغْلِقَ) الْبَابُ (يَبْقَى خَارِجًا وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ خَارِجًا لَوْ أُغْلِقَ الْبَابُ (حَنِثَ) الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا قَيْدٌ لِلدِّهْلِيزِ، وَالظُّلَّةِ جَمِيعًا؛ لِأَنَّهُ قَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ وَغَيْرُهُ الظُّلَّةُ بِالضَّمِّ السَّابَاطُ الَّذِي يَكُونُ عَلَى بَابِ الدَّارِ مِنْ سَقْفٍ لَهُ جُذُوعٌ أَطْرَافُهَا عَلَى جِدَارِ الْبَابِ وَأَطْرَافُهَا الْأُخَرُ عَلَى جِدَارِ الْجَارِ الْمُقَابِلِ لَهُ وَإِنَّمَا قَيَّدْنَا بِهِ؛ لِأَنَّ الظُّلَّةَ إذَا كَانَ مَعْنَاهَا مَا هُوَ دَاخِلُ الْبَيْتِ مُسْقَفًا فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ؛ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ مِنْ الدِّهْلِيزِ مَا لَمْ يَصْلُحْ لِلْبَيْتُوتَةِ أَمَّا إذَا كَانَ كَبِيرًا بِحَيْثُ يُبَاتُ فِيهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهِ فَإِنَّ مِثْلَهُ يُعْتَادُ بَيْتُوتَةً لِلضُّيُوفِ فِي بَعْضِ الْقُرَى وَفِي بَعْضِ الْمُدُنِ يَبِيتُ فِيهِ بَعْضُ الْأَتْبَاعِ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ انْتَهَى. وَمَنْ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَى هَذَا زَعَمَ أَنَّهُ قَيْدٌ لِلدِّهْلِيزِ فَقَطْ فَقَالَ مَا قَالَ، تَدَبَّرْ (كَمَا لَوْ دَخَلَ صُفَّةً) أَيْ يَحْنَثُ فِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ بَيْتًا فَدَخَلَ صُفَّةً عَلَى الْمَذْهَبِ الْمُخْتَارِ سَوَاءٌ كَانَ لَهَا أَرْبَعَةُ حَوَائِطَ كَمَا فِي صُفَّاتِ الْكُوفَةِ أَوْ ثَلَاثَةٌ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ، بَعْدَ أَنْ يَكُونَ مُسْقَفًا كَمَا فِي صُفَّاتِ دِيَارِنَا؛ لِأَنَّهُ يُبَاتُ فِيهِ، غَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّ مَفْتَحَهُ وَاسِعٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ السَّقْفَ لَيْسَ شَرْطًا فِي مُسَمًّى الْبَيْتِ فَيَحْنَثُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدِّهْلِيزُ مُسْقَفًا كَمَا فِي الْفَتْحِ (وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي الصُّفَّةِ أَيْضًا) أَيْ كَمَا لَوْ دَخَلَ دِهْلِيزًا أَوْ ظُلَّةَ بَابِ دَارٍ بِحَيْثُ لَوْ أُغْلِقَ الْبَابُ يَبْقَى خَارِجًا، فَإِنَّ الصُّفَّةَ عِنْدَهُمْ اسْمٌ لِبَيْتٍ صَيْفِيٍّ كَمَا فِي صُفَّاتِ الْكُوفَةِ وَأَمَّا فِي عُرْفِنَا فَهِيَ غَيْرُ الْبَيْتِ ذَاتُ ثَلَاثَةِ حَوَائِطَ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ كَمَا فِي كَثِيرٍ مِنْ الْمُعْتَبَرَاتِ (وَفِي حَلِفِهِ لَا يَدْخُلُ دَارًا) وَلَمْ يُسَمِّ دَارًا بِعَيْنِهَا وَلَمْ يَنْوِهَا (فَدَخَلَ دَارًا خَرِبَةً لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّ الدَّارَ اسْمٌ جَامِعٌ لِلْبِنَاءِ، وَالْعَرْصَةُ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَغَيْرِهِ إلَّا أَنَّهُمْ قَالُوا أَنَّهَا اسْمٌ لِلْعَرْصَةِ عِنْدَ الْعَرَبِ، وَالْعَجَمِ، يُقَالُ دَارٌ عَامِرَةٌ وَدَارٌ غَامِرَةٌ، وَقَدْ شَهِدَتْ أَشْعَارُ الْعَرَبِ بِذَلِكَ، وَالْبِنَاءُ وَصْفٌ فِيهَا غَيْرَ أَنَّ الْوَصْفَ فِي الْحَاضِرِ لَغْوٌ وَفِي الْغَائِبِ مُعْتَبَرٌ كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَضَعَّفَهُ الْكَافِي وَاسْتَدَلَّ بِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُقَالَ إنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ مَرْغُوبٌ؛ لِأَنَّ الْعَرْصَةَ تَنْقُصُ بِنُقْصَانِهِ، وَالْمُطْلَقُ يَنْصَرِفُ إلَى الْكَامِلِ فَإِذَا انْعَقَدَ النَّهْيُ عَلَى الْكَامِلِ لَا يَحْنَثُ بِالنَّاقِصِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَلَوْ قَالَ) وَاَللَّهِ لَا يَدْخُلُ (هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا) حَالَ كَوْنِهَا (خَرِبَةً) لِمُجَرَّدِ، الْإِيضَاحِ فَالْعِبَارَةُ وَلَوْ (صَحْرَاءَ) وَأَرَادَ بِالْخَرِبَةِ الدَّارَ الَّتِي لَمْ يَبْقَ فِيهَا بِنَاءٌ أَصْلًا أَمَّا إذَا زَالَ بَعْضُ حِيطَانِهَا وَبَقِيَ الْبَعْضُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute