للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَهَذِهِ دَارٌ خَرِبَةٌ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْنَثَ فِي الْمُنَكَّرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ نِيَّةٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ (أَوْ) دَخَلَهَا (بَعْدَمَا بُنِيَتْ) هَذِهِ الدَّارُ الْخَرِبَةُ، وَهُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى الْحَالِ، وَالشَّرْطِيَّةِ بِتَقْدِيرِ الْفِعْلِ مُعْتَبَرَةٌ (دَارًا أُخْرَى حَنِثَ) لِمَا تَقَدَّمَ أَنَّ الْبِنَاءَ وَصْفٌ، وَالْوَصْفُ فِي الْحَاضِرِ الْمُعَيَّنِ لَغْوٌ إذْ الْإِشَارَةُ أَبْلَغُ فِي التَّعْيِينِ.

وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ لَا يَحْنَثُ فِي الْوَجْهَيْنِ.

وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ حَلَفَ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ فِي الْمُنَكَّرِ، وَالْمُعَرَّفِ إلَّا بِدُخُولِ الْمَبْنِيَّةِ كَمَا فِي الْكَافِي.

وَفِي الدُّرَرِ اعْتِرَاضَاتٌ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ لَكِنْ لَا جَدْوَى فِيهَا لِكَوْنِهَا مُدَافَعَةً وَدَعْوَى فَلْيُطَالَعْ.

(وَكَذَا) يَحْنَثُ (لَوْ وَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا) أَيْ سَطْحِ الدَّارِ؛ لِأَنَّ السَّطْحَ مِنْ الدَّارِ مِنْ غَيْرِ دُخُولٍ مِنْ الْبَابِ بِأَنْ يُوصَلَ مِنْ سَطْحٍ آخَرَ أَلَا تَرَى أَنَّ الْمُعْتَكِفَ لَا يَفْسُدُ اعْتِكَافُهُ بِالْخُرُوجِ إلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَقَدِّمِينَ (وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ فِي عُرْفِنَا) أَيْ فِي عُرْفِ الْعَجَمِ، وَهُوَ قَوْلُ الْمُتَأَخِّرِينَ.

وَفِي الْخَانِيَّةِ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَهَا رَاكِبًا أَوْ مَاشِيًا أَوْ مَحْمُولًا بِامْرِئٍ حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ نَزَلَ مِنْ سَطْحِهَا أَوْ صَعِدَ شَجَرَةً وَأَغْصَانُهَا فِي الدَّارِ فَقَامَ عَلَى غُصْنٍ لَوْ سَقَطَ يَسْقُطُ فِي الدَّارِ حَنِثَ، وَكَذَا لَوْ قَامَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا.

وَقَالَ الشَّيْخُ الْإِمَامُ أَبُو بَكْرٍ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ إنْ كَانَ الْحَائِطُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ جَارِهِ لَا يَكُونُ حَانِثًا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ بِالْعَرَبِيَّةِ، وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ فَارْتَقَى شَجَرَةً أَغْصَانُهَا فِي الدَّارِ أَوْ قَامَ عَلَى حَائِطٍ مِنْهَا أَوْ صَعِدَ السَّطْحَ لَا يَحْنَثُ فِي يَمِينِهِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّ هَذَا لَا يُعَدُّ دُخُولًا فِي الْعَجَمِ انْتَهَى.

وَفِي الْكَافِي، وَالْمُخْتَارُ أَنْ لَا يَحْنَثَ إنْ كَانَ الْحَالِفُ مِنْ بِلَادِ الْعَجَمِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى فَعَلَى هَذَا يَلْزَمُ عَلَى الْمُصَنِّفِ تَفْصِيلٌ تَدَبَّرْ.

(وَلَوْ دَخَلَ طَاقَ بَابِهَا) أَيْ بَابِ الدَّارِ (أَوْ دِهْلِيزَهَا) أَيْ لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَدَخَلَ طَاقَ بَابِهَا أَوْ دِهْلِيزَهَا (إنْ كَانَ لَوْ أُغْلِقَ) الْبَابُ (يَبْقَى خَارِجًا) مِنْ الدَّارِ (لَا يَحْنَثُ) وَفِيهِ كَلَامٌ؛ لِأَنَّ الدِّهْلِيزَ مَا بَيْنَ الدَّارِ، وَالْبَابِ كَمَا بُيِّنَ آنِفًا فَعَلَى هَذَا لَا يُمْكِنُ هَذَا التَّفْصِيلُ تَأَمَّلْ (وَإِلَّا) أَيْ وَإِنْ لَمْ يَبْقَ خَارِجًا (حَنِثَ) هَذَا إذَا كَانَ الْحَالِفُ وَاقِفًا بِقَدَمَيْهِ فِي طَاقِ الْبَابِ، فَلَوْ وَقَفَ بِإِحْدَى رِجْلَيْهِ عَلَى الْعَتَبَةِ وَأَدْخَلَ الْأُخْرَى فَإِنْ اسْتَوَى الْجَانِبَانِ حَنِثَ، وَإِنْ كَانَ الْخَارِجُ أَسْفَلَ لَمْ يَحْنَثْ، وَإِنْ كَانَ الْجَانِبُ الدَّاخِلُ أَسْفَلَ حَنِثَ وَقِيلَ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ.

وَفِي الْمِنَحِ وَلَوْ كَانَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ الْخُرُوجَ انْعَكَسَ الْحُكْمُ.

(وَلَوْ جُعِلَتْ) الدَّارُ الْمَحْلُوفَةُ الْمُعَيَّنَةُ (مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا أَوْ بَيْتًا) أَوْ نَهْرًا أَوْ دَارًا (بَعْدَمَا خَرِبَتْ) الدَّارُ (فَدَخَلَهَا) أَيْ الْحَالِفُ (لَا يَحْنَثُ) لِتَبَدُّلِ اسْمِ الدَّارِ بِغَيْرِهِ هَذَا إذَا كَانَتْ الْإِشَارَةُ مَعَ التَّسْمِيَةِ أَمَّا لَوْ أَشَارَ وَلَمْ يُسَمِّ كَمَا إذَا حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِدُخُولِهَا عَلَى أَيِّ صِفَةٍ كَانَتْ دَارًا أَوْ مَسْجِدًا أَوْ حَمَّامًا أَوْ بُسْتَانًا؛ لِأَنَّ الْيَمِينَ عُقِدَتْ عَلَى الْعَيْنِ دُونَ الِاسْمِ، وَالْعَيْنُ بَاقِيَةٌ كَمَا فِي الذَّخِيرَةِ.

(وَكَذَا) لَا يَحْنَثُ (لَوْ دَخَلَ بَعْدَ انْهِدَامِ الْحَمَّامِ وَأَشْبَاهِهِ) يَعْنِي لَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ.

<<  <  ج: ص:  >  >>