يُوجَدُ مِنْ الْحَالِفِ بَعْدَ ذَلِكَ يَكُونُ بَعْدَ وُجُودِ الْكَلَامِ مِنْ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ فَلَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّ شَرْطَ حِنْثِهِ أَنْ يَكُونَ قَبْلَهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حَالِفًا أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ صَاحِبُهُ، وَالْمَسْأَلَةُ بِحَالِهَا لَا يَحْنَثُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَبَدًا لِمَا ذَكَرْنَا وَلَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ كَلَّمْتُك بَعْدَ هَذَا قَبْلَ أَنْ تَتَكَلَّمِي فَامْرَأَتُهُ طَالِقٌ فَقَالَتْ إنْ كَلَّمْتُك قَبْلَ أَنْ تُكَلِّمَنِي فَجَمِيعُ مَا أَمْلِكُهُ حُرٌّ، ثُمَّ إنَّ الزَّوْجَ كَلَّمَهَا بَعْدَ ذَلِكَ لَا يَحْنَثُ.
(وَلَوْ قَالَ) لَا أُكَلِّمُهُ (إلَّا بِإِذْنِهِ فَأَذِنَ) لَهُ (وَلَمْ يَعْلَمْ) الْمَأْذُونُ إذْنَهُ (فَكَلَّمَهُ حَنِثَ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ إذْ الْإِذْنُ هُوَ الْأَعْلَامُ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) فَإِنَّهُ قَالَ لَا يَحْنَثُ لِحُصُولِ الْإِذْنِ بِدُونِ الْعِلْمِ بِهِ.
وَقَالَ نُصَيْرٌ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - إنَّ الْإِذْنَ قَدْ وُجِدَ بِدُونِ الْعِلْمِ بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ فِي الْأَمْرِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ.
(وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يُكَلِّمُهُ شَهْرًا فَهُوَ مِنْ حِينِ حَلَفَ) ؛ لِأَنَّهُ لَوْ لَمْ يَذْكُرْ الشَّهْرَ تَتَأَبَّدُ الْيَمِينُ فَذَكَرَ الشَّهْرَ لِإِخْرَاجِ مَا وَرَاءَهُ فَبَقِيَ مَا يَلِي يَمِينَهُ دَاخِلًا بِدَلَالَةِ حَالِهِ بِخِلَافِ لَأَعْتَكِفَنَّ أَوْ لَأَصُومَنَّ شَهْرًا فَإِنَّ التَّعْيِينَ يَتَنَاوَلُ إلَيْهِ بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ تَرَكْت الصَّوْمَ شَهْرًا فَإِنَّهُ لَا يَتَنَاوَلُ مِنْ حِينِ حَلِفِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُ مُطْلَقًا يَتَنَاوَلُ الْأَبَدَ فَذَكَرَ الْوَقْتَ لِإِخْرَاجِ مَا وَرَاءَهُ فَهُوَ كَقَوْلِهِ إنْ تَرَكْت كَلَامَهُ شَهْرًا أَوْ إنْ لَمْ أُسَاكِنْهُ شَهْرًا كَمَا فِي الْمِنَحِ.
(وَ) فِي حَلِفِهِ (يَوْمَ أُكَلِّمُهُ لِمُطْلَقِ الْوَقْتِ) ؛ لِأَنَّ الْيَوْمَ إذَا قُرِنَ بِفِعْلٍ لَا يَمْتَدُّ يُرَادُ بِهِ مُطْلَقُ الْوَقْتِ، وَالْكَلَامُ لَا يَمْتَدُّ، وَقَدْ مَرَّ فِي الطَّلَاقِ (وَتَصِحُّ نِيَّةُ النَّهَارِ فَقَطْ) بِالْإِجْمَاعِ دِيَانَةً وَقَضَاءً لِإِرَادَةِ الْحَقِيقَةِ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ قَضَاءً؛ لِأَنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ (وَ) فِي حَلِفِهِ (لَيْلَةَ كَلَّمَهُ) تَقَعُ (عَلَى اللَّيْلِ فَحَسْبُ) دُونَ مُطْلَقِ الْوَقْتِ؛ لِأَنَّهُ الْمُسْتَعْمَلُ فِيهِ (وَفِي) حَلِفِهِ (إنْ كَلَّمْته) أَيْ فُلَانًا (إلَى أَنْ يَقْدَمَ زَيْدٌ أَوْ) قَالَ إنْ كَلَّمْته (حَتَّى يَقْدُمَ) زَيْدٌ (أَوْ) قَالَ إنْ كَلَّمْته (إلَّا أَنْ يَأْذَنَ زَيْدٌ أَوْ) قَالَ إنْ كَلَّمْته (حَتَّى يَأْذَنَ) زَيْدٌ فَعَبْدِي حُرٌّ (فَكَلَّمَهُ قَبْلَ ذَلِكَ) أَيْ قَبْلَ قُدُومِهِ أَوْ إذْنِهِ (حَنِثَ) أَيْ عَتَقَ فِي الْوُجُوهِ كُلِّهَا لِبَقَاءِ الْيَمِينِ وَلَوْ كَلَّمَهُ بَعْدَ الْقُدُومِ أَوْ الْإِذْنِ لَا لِانْتِهَاءِ الْيَمِينِ (وَإِنْ مَاتَ زَيْدٌ سَقَطَ الْحَلِفُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ لِانْتِفَاءِ تَصَوُّرِ الْبِرِّ، وَهُوَ شَرْطُ الِانْعِقَادِ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ لِمَا تَقَدَّمَ كَمَا لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ وَاَللَّهِ لَا أُكَلِّمُك حَتَّى يَأْذَنَ لِي فُلَانٌ أَوْ قَالَ لِغَرِيمِهِ وَاَللَّهِ لَا أُفَارِقُك حَتَّى تَقْضِيَنِي حَقِّي فَمَاتَ فُلَانٌ قَبْلَ الْإِذْنِ أَوْ بَرِئَ مِنْ الدَّيْنِ فَالْيَمِينُ سَاقِطَةٌ فِي قَوْلِهِمَا خِلَافًا لَهُ وَعَلَى هَذَا لَوْ حَلَفَ لِيُوَفِّيَنه الْيَوْمَ فَأَبْرَأَهُ الطَّالِبُ فَيَجِبُ أَنْ يَعْلَمَ إنْ كَلَّمَهُ مَا زَالَ وَمَا دَامَ وَمَا كَانَ غَايَةُ مُنْتَهَى الْيَمِينِ بِهَا فَإِذَا حَلَفَ لَا يَفْعَلُ كَذَا مَا دَامَ بِبُخَارَى فَخَرَجَ تَنْتَهِي الْيَمِينُ بِالْخُرُوجِ فَلَوْ عَادَ بَعْدَهُ وَفَعَلَ لَا يَحْنَثُ.
(وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يَأْكُلُ طَعَامَ فُلَانٍ أَوْ لَا يَدْخُلُ دَارِهِ أَوْ لَا يَلْبَسُ ثَوْبَهُ أَوْ لَا يَرْكَبُ دَابَّتَهُ أَوْ لَا يُكَلِّمُ عَبْدَهُ إنْ عَيَّنَ) الطَّعَامَ، وَالدَّارَ، وَالثَّوْبَ، وَالدَّابَّةَ، وَالْعَبْدَ بِأَنْ قَالَ طَعَامُ زَيْدٍ هَذَا مَثَلًا (وَزَالَ مِلْكُهُ) عَنْهَا (وَفَعَلَ) الْحَالِفُ وَاحِدًا مِنْ هَذِهِ الْأَفْعَالِ بَعْدَ ذَلِكَ (لَا يَحْنَثُ) عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute