لِأَنَّهُ كَلَامٌ حَقِيقَةً كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ وَجَعَلَ صَاحِبُ الْكَافِي قَوْلُ الشَّافِعِيِّ كَقَوْلِ خُوَاهَرْ زَادَهْ وَاخْتَارَ صَاحِبُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ إذَا قَرَأَ فِي الصَّلَاةِ لَا يَحْنَثُ وَفِي خَارِجِهَا يَحْنَثُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ.
وَفِي الْكَافِي قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ إنْ عَقَدَ يَمِينَهُ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ بِالْقِرَاءَةِ أَوْ التَّسْبِيحِ خَارِجَ الصَّلَاةِ أَيْضًا لِلْعُرْفِ فَإِنَّهُ يُسَمَّى قَارِئًا مُسَبِّحًا وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى وَفِي الْبَحْرِ أَنَّ الْمُخْتَارَ لِلْفَتْوَى أَنَّ الْيَمِينَ إنْ كَانَتْ بِالْعَرَبِيَّةِ لَمْ يَحْنَثْ بِالْقِرَاءَةِ فِي الصَّلَاةِ وَيَحْنَثُ بِالْقِرَاءَةِ خَارِجَهَا وَإِنْ كَانَتْ بِالْفَارِسِيَّةِ لَا يَحْنَثُ مُطْلَقًا.
وَفِي الْفَتْحِ أَنَّ قَوْلَ خُوَاهَرْ زَادَهْ مُخْتَارٌ لِلْفَتْوَى مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ بَيْنَ عَقْدِ الْيَمِينِ بِالْعَرَبِيَّةِ أَوْ بِالْفَارِسِيَّةِ.
وَفِي الْمِنَحِ فَقَدْ اخْتَلَفَ الْفَتْوَى، وَالْإِفْتَاءُ بِظَاهِرِ الْمَذْهَبِ أَوْلَى انْتَهَى لَكِنَّ الْأَوْلَوِيَّةَ غَيْرُ ظَاهِرَةٍ لِمَا أَنَّ مَبْنَى الْأَيْمَانِ عَلَى الْعُرْفِ الْمُتَأَخِّرِ وَلَمَا عَلِمْت مِنْ أَكْثَرِيَّةِ التَّصْحِيحِ لَهُ وَنَقَلَ عَنْ تَهْذِيبِ الْقَلَانِسِيِّ أَنَّهُ لَا يَحْنَثُ بِقِرَاءَةِ الْكُتُبِ ظَاهِرًا وَبَاطِنًا فِي عُرْفِنَا تَأَمَّلْ.
(وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يُكَلِّمُهُ فَكَلَّمَهُ بِحَيْثُ يَسْمَعُ) نَفْسَهُ (وَهُوَ) أَيْ، وَالْحَالُ أَنَّ الْمَحْلُوفَ عَلَيْهِ (نَائِمٌ حَنِثَ إنْ أَيْقَظَهُ) ، وَهُوَ رِوَايَةُ الْمَبْسُوطِ وَعَلَيْهِ مَشَايِخُنَا، وَهُوَ الْمُخْتَارُ.
وَفِي التُّحْفَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يَنْتَبِهْ كَانَ كَمَا إذَا نَادَاهُ مِنْ بَعِيدٍ، وَهُوَ بِحَيْثُ لَا يَسْمَعُ صَوْتَهُ (وَقِيلَ) حَنِثَ (مُطْلَقًا) سَوَاءٌ أَيْقَظَهُ أَوْ لَمْ يُوقِظْهُ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَلَّمَهُ وَوَصَلَ إلَى سَمْعِهِ لَكِنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ لِنَوْمِهِ كَمَا إذَا نَادَاهُ، وَهُوَ بِحَيْثُ يَسْمَعُ لَكِنَّهُ لَمْ يَفْهَمْ لِتَغَافُلِهِ وَإِلَيْهِ مَالَ الْقُدُورِيُّ وَصَحَّحَهُ الْإِمَامُ السَّرَخْسِيُّ.
وَفِي الذَّخِيرَةِ لَا يَحْنَثُ حَتَّى يُكَلِّمَهُ بِكَلَامٍ مُسْتَأْنَفٍ بَعْدَ الْيَمِينِ مُنْقَطِعٍ عَنْهَا لَا مُتَّصِلٍ بِهَا فَلَوْ قَالَ مُوصِلًا إنْ كَلَّمْتُك فَكَذَا فَاذْهَبِي أَوْ اُخْرُجِي أَوْ شَتَمَهَا مُتَّصِلًا لَمْ يَحْنَثْ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ مِنْ تَمَامِ الْكَلَامِ الْأَوَّلِ فَلَا يَكُونُ مُرَادًا بِالْيَمِينِ وَلَوْ كَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا أَوْ أَرْسَلَ إلَيْهِ رَسُولًا لَا يَحْنَثُ كَمَا فِي الشُّمُنِّيِّ.
(وَلَوْ كَلَّمَ غَيْرَهُ) بَعْدَمَا حَلَفَ لَا يُكَلِّمُهُ (وَقَصَدَ سَمَاعَهُ لَا يَحْنَثُ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكَلِّمْهُ حَقِيقَةً.
(وَلَوْ سَلَّمَ عَلَى جَمَاعَةٍ هُوَ فِيهِمْ حَنِثَ) ؛ لِأَنَّ السَّلَامَ كَلَامٌ لِلْجَمِيعِ.
(وَإِنْ نَوَاهُمْ دُونَهُ لَا يَحْنَثْ) دِيَانَةً لِعَدَمِ الْقَصْدِ وَلَا يُصَدَّقُ قَضَاءً؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لِلْجَمَاعَةِ، وَالنِّيَّةُ لَا يَطَّلِعُ عَلَيْهَا الْحَاكِمُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَيَّدَهُ بِالدِّيَانَةِ لَكَانَ أَوْضَحَ.
وَفِي الِاخْتِيَارِ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ إمَامًا فَسَلَّمَ، وَالْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ خَلْفَهُ لَا يَحْنَثُ بِالتَّسْلِيمَتَيْنِ وَلَوْ كَانَ الْحَالِفُ هُوَ الْمُؤْتَمُّ، فَكَذَلِكَ وَعَنْ مُحَمَّدٍ يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ خَارِجًا عَنْ صَلَاةِ الْإِمَامِ بِسَلَامِهِ خِلَافًا لَهُمَا وَلَوْ سَبَّحَ بِهِ فِي الصَّلَاةِ أَوْ فَتَحَ عَلَيْهِ لَمْ يَحْنَثْ وَفِي خَارِجِهَا يَحْنَثُ وَلَوْ قَرَعَ الْبَابَ فَقَالَ مَنْ الْقَارِعُ يَحْنَثُ قَالَ أَبُو اللَّيْثِ إنْ قَالَ بِالْفَارِسِيَّةِ " كيست " لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِخِطَابٍ وَإِنْ قَالَ " كَيْ تو " يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ خِطَابٌ لَهُ هُوَ الْمُخْتَارُ.
وَفِي التَّبْيِينِ لَوْ قَالَ لِغَيْرِهِ إنْ ابْتَدَأْتُك بِالْكَلَامِ فَعَبْدِي حُرٌّ فَالْتَقَيَا فَسَلَّمَ كُلٌّ مِنْهُمَا عَلَى صَاحِبِهِ لَا يَحْنَثُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوجَدْ مِنْهُ كَلَامٌ بِصِفَةِ الْبِدَايَةِ، وَهُوَ الْمَحْلُوفُ عَلَيْهِ وَسَقَطَ الْيَمِينُ عَنْ الْحَالِفِ؛ لِأَنَّ كُلَّ كَلَامٍ