للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

(خِلَافًا لَهُ) أَيْ فَيَحْنَثُ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ فِي الصُّورَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُ انْعَقَدَتْ لَكِنَّهُ يَعْجَزُ فِي الْأُولَى وَلَمْ تَنْحَلَّ فِي الثَّانِيَةِ بِالْهَلَاكِ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ لَوْ تَلِفَ بِلَا اخْتِيَارِهِ لَا يَحْنَثُ.

(وَكَذَا) أَيْ عَلَى هَذَا الْخِلَافِ (إنْ) أَطْلَقَ الْيَمِينَ وَ (لَمْ يَقُلْ الْمَاءَ) وَلَا مَاءَ فِيهِ (إلَّا إنْ كَانَ) فِيهِ مَاءٌ (فَصُبَّ فَإِنَّهُ يَحْنَثُ بِالِاتِّفَاقِ) أَمَّا عِنْدَهُ فَظَاهِرٌ وَأَمَّا عِنْدَهُمَا؛ فَلِأَنَّ الْبِرَّ يَجِبُ عَلَيْهِ كَمَا فَرَغَ مِنْ الْيَمِينِ لَكِنْ مُوَسَّعًا بِشَرْطِ أَنْ لَا يَفُوتَهُ فِي مُدَّةِ عُمْرِهِ، وَالْبِرُّ مُتَصَوَّرٌ عِنْدَ الْفَرَاغِ فَانْعَقَدَتْ الْيَمِينُ إلَّا أَنَّ أَبَا يُوسُفَ يَقُولُ إنَّ الْحِنْثَ فِي الْمُطْلَقِ فِي الْحَالِ وَفِي الْوَقْتِ بَعْدَ مُضِيِّ الْوَقْتِ وَمِنْ فُرُوعٌ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مَا ذَكَرَهُ التُّمُرْتَاشِيُّ، وَهُوَ لَوْ قَالَ لِامْرَأَتِهِ إنْ لَمْ تَهَبِي مَهْرَك الْيَوْم لِي فَأَنْتِ طَالِقٌ وَقَالَ أَبُوهَا إنْ وَهَبْت مَهْرَك لِزَوْجِك فَأُمُّك طَالِقٌ فَالْحِيلَةُ فِي عَدَمِ حِنْثِهِمَا أَنْ تَشْتَرِيَ مِنْهُ بِمَهْرِهَا مَلْفُوفًا وَتَقْبِضَهُ فَإِذَا مَضَى الْيَوْمُ لَمْ يَحْنَثْ الْأَبُ؛ لِأَنَّهَا لَمْ تَهَبْ وَلَمْ يَحْنَثْ الزَّوْجُ؛ لِأَنَّهَا عَجَزَتْ عَنْ الْهِبَةِ عِنْدَ الْغُرُوبِ؛ لِأَنَّ الْمَهْرَ سَقَطَ عَنْ الزَّوْجِ بِالْبَيْعِ.

(وَفِي) حَلِفِهِ (لَيَصْعَدَنَّ) أَوْ لَيَمَسَّنَّ (السَّمَاءَ أَوْ لَيَطِيرَنَّ فِي الْهَوَاءِ أَوْ لَيَقْلِبَنَّ هَذَا الْحَجَرَ ذَهَبًا أَوْ لَيَقْتُلَنَّ زَيْدًا) حَالَ كَوْنِ الْحَالِ (عَالِمًا بِمَوْتِهِ) أَيْ مَوْتِ زَيْدٍ (انْعَقَدَتْ) الْيَمِينُ لِإِمْكَانِ أَنْ يَخْلُقَ اللَّهُ تَعَالَى هَذِهِ الْأَفْعَالَ فِي حَقِّهِ كَمَا فِي حَقِّ بَعْضِ الْأَوْلِيَاءِ.

وَقَالَ زُفَرُ وَالشَّافِعِيُّ لَا تَنْعَقِدُ؛ لِأَنَّهُ مُسْتَحِيلٌ عَادَةً فَأَشْبَهَ الْمُسْتَحِيلَ حَقِيقَةً (وَحَنِثَ لِلْحَالِ) لِلْعَجْزِ الثَّابِتِ عَادَةً بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْكُوزِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَصَوَّرْ الْبِرَّ بِخَلْقِ اللَّهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ الْمَخْلُوقَ غَيْرُ الْمَحْلُوفِ عَلَيْهِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ وَفِيهِ بَحْثٌ مِنْ وَجْهَيْنِ تَأَمَّلْ، وَهَذَا إذَا كَانَتْ الْيَمِينُ مُطْلَقَةً وَأَمَّا إذَا كَانَتْ مُوَقَّتَةً لَا يَحْنَثُ حَتَّى يَمْضِيَ ذَلِكَ الْوَقْتُ.

وَقَالَ زُفَرُ يَحْنَثُ لِلْحَالِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ، وَهَذَا الْقَوْلُ لَا يَسْتَقِيمُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَمْنَعُ الِانْعِقَادَ عَلَى مَا ذُكِرَ آنِفًا إلَّا إذَا حُمِلَ عَلَى أَنَّ لَهُ رِوَايَةً أُخْرَى انْتَهَى لَكِنْ يُمْكِنُ التَّوْجِيهُ بِوَجْهٍ آخَرَ، وَهُوَ أَنَّ جَوَابَهُ فِي الْمُوَقَّتِ خِلَافُ الْجَوَابِ فِي الْمُطْلَقِ تَأَمَّلْ، قُيِّدَ بِالْفِعْلِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ حَلَفَ عَلَى التَّرْكِ بِأَنْ قَالَ إنْ تَرَكْت مَسَّ السَّمَاءِ فَعَبْدِي حُرٌّ مَثَلًا لَمْ يَنْعَقِدْ؛ لِأَنَّ التَّرْكَ لَا يُتَصَوَّرُ فِي غَيْرِ الْمَقْدُورِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ بِمَوْتِهِ) أَيْ مِنْ زَيْدٍ (فَلَا) يَحْنَثُ عِنْدَهُمَا إذْ حِينَئِذٍ يُرَادُ الْقَتْلُ الْمُتَعَارَفُ، وَهُوَ مُمْتَنِعٌ بِخِلَافِ مَا إذَا عَلِمَ فَإِنَّهُ حِينَئِذٍ يُرَادُ قَتْلُهُ بَعْدَ إحْيَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَهُوَ مُمْكِنٌ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) ؛ لِأَنَّ إمْكَانَ الْبِرِّ لَيْسَ شَرْطًا لِانْعِقَادِ الْيَمِينِ عِنْدَهُ.

(وَفِي) حَلِفِهِ (لَا يَتَكَلَّمُ فَقَرَأَ الْقُرْآنَ أَوْ سَبَّحَ أَوْ هَلَّلَ) أَوْ كَبَّرَ (لَا يَحْنَثُ سَوَاءٌ) كَانَ (فِي الصَّلَاةِ أَوْ خَارِجَهَا هُوَ الْمُخْتَارُ) اخْتَارَهُ خُوَاهَرْ زَادَهْ؛ لِأَنَّهُ لَا يُسَمَّى مُتَكَلِّمًا عُرْفًا وَشَرْعًا وَعِنْدَ الشَّافِعِيِّ يَحْنَثُ، وَهُوَ الْقِيَاسُ

<<  <  ج: ص:  >  >>