جَرِيمَةً وَاَلَّذِي يُرْوَى أَنَّهَا تُذْبَحُ وَتُحْرَقُ فَذَلِكَ يَقْطَعُ التَّحَدُّثَ بِهِ.
(وَزَنَى فِي دَارِ حَرْبٍ أَوْ بَغْيٍ) أَيْ مَنْ زَنَى فِي دَارِ الْحَرْبِ أَوْ الْبَغْيِ، ثُمَّ خَرَجَ إلَيْنَا لَا يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ إلَّا إذَا كَانَ أَمِيرُ الْمِصْرِ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَلَهُ أَنْ يُقِيمَ الْحَدَّ عَلَى مَنْ زَنَى فِي مُعَسْكَرِهِ وَتَمَامُهُ فِي الْمِنَحِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ يُقَامُ عَلَيْهِ الْحَدُّ لَوْ خَرَجَ إلَيْنَا وَأَقَرَّ؛ لِأَنَّهُ الْتِزَامٌ بِإِسْلَامِهِ أَحْكَامَ الْإِسْلَامِ أَيْنَمَا كَانَ وَلَنَا قَوْلُهُ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «لَا تُقَامُ الْحُدُودُ فِي دَارِ الْحَرْبِ» .
(وَلَا) يَجِبُ الْحَدُّ (بِوَطْءِ) امْرَأَةٍ (مَحْرَمٍ) لَهُ (تَزَوَّجَهَا) سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالْحُرْمَةِ أَوْ لَا وَلَكِنْ إنْ كَانَ عَالِمًا بِهِ يَوْجَعُ بِالضَّرْبِ تَعْزِيرًا لَهُ هَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا، وَالْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ عَلَيْهِ الْحَدُّ إنْ كَانَ عَالِمًا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الشَّرْعَ أَخْرَجَ الْمَحَارِمَ عَنْ مَحَلِّيَّةِ النِّكَاحِ فَصَارَ الْعَقْدُ لَغْوًا وَلَهُ أَنَّ الْمَحْرَمَ مَحَلُّ النِّكَاحِ بِاعْتِبَارِ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْهُ التَّنَاسُلُ وَكُلُّ أُنْثَى مِنْ بَنَاتِ آدَمَ قَابِلَةٌ لَهُ وَمَحَلِّيَّةُ النِّكَاحِ وَإِنْ انْعَدَمَتْ عَنْ الْمَحَارِمِ بِدَلِيلٍ لَكِنْ بَقِيَتْ شُبْهَتُهَا كَمَا فِي نِكَاحِ الْمُتْعَةِ فَيَنْدَرِئُ بِهِ الْحَدُّ هَذَا وَوَطْءُ الزَّوْجَةِ بِغَيْرِ شُهُودٍ وَغَيْرِهَا مِنْ شُبْهَةِ الْعَقْدِ فَتَكُونُ الشُّبْهَةُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَضْرُبٍ كَمَا بَيَّنَّاهُ فِي أَوَّلِ الْكِتَابِ.
(أَوْ مَنْ اسْتَأْجَرَهَا لِيَزْنِيَ بِهَا) فَإِنَّهُ لَا يَحُدُّ عِنْدَ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ رُوِيَ أَنَّ امْرَأَةً سَأَلَتْ رَجُلًا مَالًا فَأَبَى أَنْ يُعْطِيَهَا حَتَّى تُمَكِّنَهُ مِنْ نَفْسِهَا فَدَرَأَ عُمَرُ الْحَدَّ عَنْهَا وَقَالَ هَذَا مَهْرُهَا (خِلَافًا لَهُمَا) فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ، وَهُوَ قَوْلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بَيْنَهُمَا مِلْكٌ وَلَا شُبْهَةٌ فَكَانَ زِنًى مَحْضًا قَيَّدَ بِالِاسْتِئْجَارِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ زَنَى بِهَا وَأَعْطَاهَا مَالًا وَلَمْ يَشْتَرِطْ شَيْئًا يُحَدُّ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ أَمْهَرْتُك لَا زِنًى بِك لَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ لِيَزْنِيَ بِهَا؛ لِأَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهَا لِلْخِدْمَةِ، ثُمَّ جَامَعَهَا يُحَدُّ اتِّفَاقًا.
(وَمَنْ وَطِئَ أَجْنَبِيَّةً فِيمَا دُونَ الْفَرْجِ) أَيْ فِي غَيْرِ السَّبِيلَيْنِ كَالتَّبْطِينِ، وَالتَّفْخِيذِ (يُعَزَّرُ) اتِّفَاقًا كَمَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ؛ لِأَنَّهُ أَتَى أَمْرًا مُنْكَرًا لَيْسَ فِيهِ حَدٌّ.
(وَكَذَا لَوْ وَطْأَهَا) أَيْ الْأَجْنَبِيَّةَ (فِي الدُّبُرِ) فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ عِنْدَ الْإِمَامِ وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ فَإِذَا عَرَفْت هَذَا فَاعْلَمْ أَنَّ فِي هَذِهِ الْمَحَلِّ كَلَامًا؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَةَ الْأُولَى اتِّفَاقِيَّةٌ، وَالثَّانِيَةَ اخْتِلَافِيَّةٌ فَلَا مَعْنَى لِهَذَا الْعَطْفِ بِطَرِيقِ التَّشْبِيهِ تَأَمَّلْ وَفِيهِ إشَارَةٌ أَنَّهُ لَوْ فَعَلَ هَذَا بِعَبْدِهِ أَوْ أَمَتِهِ أَوْ مَنْكُوحَتِهِ لَا يُحَدُّ بِلَا خِلَافٍ وَإِنْ كَانَ حَرَامًا بِالْإِجْمَاعِ وَإِنَّمَا يُعَزَّرُ لِارْتِكَابِ الْمَحْظُورِ (أَوْ عَمِلَ عَمَلَ قَوْمِ لُوطٍ) فَإِنَّهُ يُعَزَّرُ وَلَا يُحَدُّ عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا يُحَدُّ) ، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ الشَّافِعِيِّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute