فَإِنَّ الْمِلْكَ فِيهَا دَلِيلُ جَوَازِ الْوَطْءِ (أَوْ) كَوَطْءِ (مُعْتَدَّتِهِ بِالْكِنَايَاتِ) بِأَنْ قَالَ لَهَا أَنْتِ بَائِنٌ أَوْ عَلَيَّ حَرَامٌ أَوْ بَتَّةٌ أَوْ بَرِيَّةٌ مَثَلًا وَأَرَادَ الْبَيْنُونَةَ أَوْ الثَّلَاثَ، ثُمَّ جَامَعَهَا فِي عِدَّتِهَا لَا حَدَّ عَلَيْهِ لِقَوْلِ بَعْضِ الصَّحَابَةِ - رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهُمْ - إنَّ الْكِنَايَاتِ رَوَاجِعُ وَإِنْ نَوَى الثَّلَاثَ (دُونَ الثَّلَاثِ) لَا فَائِدَةَ فِي هَذَا اللَّفْظِ؛ لِأَنَّهُ إنْ أَرَادَ مُعْتَدَّتَهُ مِنْ الثَّلَاثِ صَرِيحًا فَقَدْ مَرَّ فِي شُبْهَةِ الْفِعْلِ وَإِنْ أَرَادَ أَلْفَاظَ الْكِنَايَاتِ إذَا نَوَى بِهَا الثَّلَاثَ فَلَيْسَ حُكْمُهَا ذَلِكَ كَمَا ذَكَرَ قُبَيْلَهَا، وَالصَّوَابُ التَّرْكُ تَأَمَّلْ.
(أَوْ) كَوَطْءِ (الْبَائِعِ) الْأَمَةَ (الْمَبِيعَةَ أَوْ) كَوَطْءِ (الزَّوْجِ) الْأَمَةَ (الْمَمْهُورَةَ) أَيْ الَّتِي جَعَلَهَا صَدَاقًا لِامْرَأَةٍ تَزَوَّجَهَا (قَبْلَ تَسْلِيمِهَا) أَيْ قَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَبِيعَةِ إلَى الْمُشْتَرِي فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ وَقَبْلَ التَّسْلِيمِ وَبَعْدَهُ فِي الْفَاسِدِ، وَالْمَبِيعَةُ بِشَرْطِ الْخِيَارِ سَوَاءٌ لِلْبَائِعِ أَوْ لِلْمُشْتَرِي وَقَبْلَ تَسْلِيمِ الْمَمْهُورَةِ إلَى الزَّوْجَةِ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْمَبِيعَةِ فِي يَدِ الْبَائِعِ بِحَيْثُ لَوْ هَلَكَتْ انْتَقَضَ الْبَيْعُ دَلِيلُ الْمِلْكِ فِي الْمَبِيعَةِ وَكَوْنِ الْمَهْرِ صِلَةً أَيْ غَيْرَ مُقَابَلٍ بِمَالٍ دَلِيلُ عَدَمِ زَوَالِ الْمِلْكِ فَلَا يُحَدُّ الْوَاطِئُ فِي هَذِهِ الْمَوَاضِعِ وَإِنْ قَالَ عَلِمْت أَنَّهَا حَرَامٌ خِلَافًا لِزُفَرَ (وَالنَّسَبُ يَثْبُتُ فِي هَذِهِ) أَيْ فِي شُبْهَةِ الْمَحَلِّ (عِنْدَ الدَّعْوَةِ) لِعَدَمِ تَمَحُّضِهِ زِنًى لِقِيَامِ الدَّلِيلِ النَّافِي لِلْحُرْمَةِ (لَا فِي الْأُولَى) أَيْ لَا يَثْبُتُ النَّسَبُ فِي شُبْهَةِ الْفِعْلِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (ادَّعَى) لِتَمَحُّضِهِ زِنًى وَإِنْ سَقَطَ الْحَدُّ لِأَمْرٍ رَاجِعٍ إلَيْهِ، وَهُوَ اشْتِبَاهُ الْحَالِ عَلَيْهِ هَذَا لَيْسَ بِمُجْرًى عَلَى الْعُمُومِ فَإِنَّ فِي الْمُطَلَّقَةِ الثَّلَاثِ يَثْبُتُ النَّسَبُ؛ لِأَنَّ هَذَا وَطْءٌ فِي شُبْهَةِ الْعَقْدِ فَيَكْفِي ذَلِكَ لِإِثْبَاتِ النَّسَبِ.
(وَيُحَدُّ بِوَطْءِ أَمَةِ أَخِيهِ أَوْ عَمِّهِ) أَوْ ذِي رَحِمٍ مَحْرَمٍ غَيْرِ الْوِلَادِ أَوْ الْمُسْتَأْجَرَةِ أَوْ الْمُسْتَعَارَةِ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (ظَنَّ حِلَّهَا) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَسْتَنِدْ ظَنُّهُ إلَى دَلِيلٍ.
(وَكَذَا) يَجِبُ الْحَدُّ (بِوَطْءِ امْرَأَةٍ وَجَدَهَا عَلَى فِرَاشِهِ) وَقَالَ حَسِبْتهَا امْرَأَتِي لِعَدَمِ الِاشْتِبَاهِ مَعَ طُولِ الصُّحْبَةِ فَلَمْ يَكُنْ هَذَا الظَّنُّ مُسْتَنِدًا إلَى دَلِيلٍ.
(وَإِنْ) وَصْلِيَّةً (كَانَ أَعْمَى) لِإِمْكَانِ التَّمْيِيزِ بِالسُّؤَالِ (إلَّا إنْ دَعَاهَا فَقَالَتْ) أَيْ أَجَابَتْ تِلْكَ الْمَرْأَةُ فَقَالَتْ (أَنَا زَوْجَتُك) فَوَطِئَهَا لَا يُحَدُّ؛ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى الْإِخْبَارِ، وَهُوَ دَلِيلٌ فِي حَقِّهِ وَلَوْ جَاءَتْ بِوَلَدٍ ثَبَتَ نَسَبُهُ قَيَّدَ بِقَوْلِهِ وَأَنَا زَوْجَتُك؛ لِأَنَّهَا إذَا أَجَابَتْ بِالْفِعْلِ وَلَمْ تَقُلْ ذَلِكَ فَوَاقَعَهَا وَجَبَ عَلَيْهِ الْحَدُّ كَمَا فِي الْعِنَايَةِ.
(لَا) يَجِبُ الْحَدُّ (بِوَطْءِ أَجْنَبِيَّةٍ زُفَّتْ) أَيْ بُعِثَتْ (إلَيْهِ وَقُلْنَ) أَيْ النِّسَاءُ بِالْجَمْعِ لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّهُ لَيْسَ بِشَرْطٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْمُعَامَلَاتِ، وَالْوَاحِدَةُ تَكْفِي فِيهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ فَعَلَى هَذَا لَوْ أَتَى بِصِيغَةِ الْمُفْرَدِ كَمَا فِي الْكَنْزِ لَكَانَ أَوْلَى تَأَمَّلْ (هِيَ زَوْجَتُك) ؛ لِأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى إخْبَارِهِنَّ فِي مَوْضِعِ الِاشْتِبَاهِ إذْ الْإِنْسَانُ لَا يُمَيِّزُ بَيْنَ امْرَأَتِهِ وَبَيْنَ غَيْرِهَا فِي أَوَّلِ الْوَهْلَةِ فَصَارَ كَالْمَغْرُورِ لَكِنَّهُ لَا يُحَدُّ قَاذِفُهُ (وَعَلَيْهِ الْمَهْرُ) أَيْ مَهْرُ الْمِثْلِ، وَالْعِدَّةُ وَيَثْبُتُ نَسَبُ وَلَدِهَا مِنْهُ؛ لِأَنَّ الْوَطْءَ فِي دَارِ الْإِسْلَامِ لَا يَخْلُو عَنْ الْحَدِّ أَوْ الْمَهْرِ، وَقَدْ سَقَطَ الْحَدُّ فَتَعَيَّنَ الْمَهْرُ (وَلَا بِوَطْءِ بَهِيمَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي مَعْنَى الزِّنَى فِي كَوْنِهِ جِنَايَةً إلَّا أَنَّهُ يُعَزَّرُ؛ لِأَنَّهُ ارْتَكَبَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute