(وَالْخُمُسُ) مِنْ الْغَنِيمَةِ يَكُونُ (لِلْيَتَامَى، وَالْمَسَاكِينِ وَابْنِ السَّبِيلِ) أَيْ: يُقْسَمُ الْخُمُسُ عَلَى ثَلَاثَةِ أَسْهُمٍ سَهْمٍ لِلْيَتَامَى وَسَهْمٍ لِلْمَسَاكِينِ وَسَهْمٍ لِابْنِ السَّبِيلِ وَتَدْخُلُ فُقَرَاءُ ذَوِي الْقُرْبَى فِيهِمْ فَيُصْرَفُ إلَى جَمِيعِهِمْ، أَوْ بَعْضِهِمْ كَمَا فِي النُّتَفِ وَغَيْرِهِ (وَيُقَدَّمُ) مِنْهُمْ (ذَوُو الْقُرْبَى الْفُقَرَاءُ) أَيْ أَقْرِبَاءُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - مِنْ بَنِي الْمُطَّلِبِ وَبَنِي هَاشِمٍ دُونَ بَنِي نَوْفَلٍ وَعَبْدِ شَمْسٍ فَيُقَدَّمُ الْيَتِيمُ مِنْهُمْ عَلَى الْيَتِيمِ مِنْ غَيْرِهِمْ، وَالْمَسَاكِينُ عَلَى الْمَسَاكِينِ وَابْنُ السَّبِيلِ عَلَى ابْنِ السَّبِيلِ (وَلَا حَقَّ فِيهِ) أَيْ: فِي الْخُمُسِ (لِأَغْنِيَائِهِمْ) أَيْ لِأَغْنِيَائِهِمْ ذَوِي الْقُرْبَى عِنْدَنَا فَبَقِيَ لَهُمْ خُمُسُ الْخُمُسِ يَسْتَوِي فِيهِ فَقِيرُهُمْ وَغَنِيُّهُمْ لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلِذِي الْقُرْبَى} [الأنفال: ٤١] مُطْلَقًا مِنْ غَيْرِ فَصْلٍ وَلَنَا إنَّ الْخُلَفَاءَ الرَّاشِدِينَ قَسَمُوهَا عَلَى الثَّلَاثَةِ عَلَى نَحْوِ مَا ذَكَرْنَا وَكَفَى بِهِمْ قُدْوَةً.
وَقَالَ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - «يَا مَعْشَرَ بَنِي هَاشِمٍ إنَّ اللَّهَ كَرِهَ لَكُمْ غُسَالَةَ النَّاسِ وَأَوْسَاخَهُمْ وَعَوَّضَكُمْ بِخُمُسِ الْخُمُسِ مِنْ الْغَنِيمَةِ» ، وَالْعِوَضُ إنَّمَا ثَبَتَ فِي حَقِّ مَنْ ثَبَتَ فِي حَقِّهِ الْمُعَوَّضُ، وَهُمْ الْفُقَرَاءُ، وَالنَّبِيُّ - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - أَعْطَاهُمْ لِلنُّصْرَةِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ عَلَّلَ فَقَالَ إنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مَعِي هَكَذَا فِي الْجَاهِلِيَّةِ وَالْإِسْلَامِ وَشَبَّكَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ وَبِهَذَا تَبَيَّنَ أَنَّ الْمُرَادَ بِالنَّصِّ قُرْبُ النُّصْرَةِ لَا قُرْبُ الْقَرَابَةِ هَكَذَا قَوْلُ الْكَرْخِيِّ وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فَقِيرُهُمْ أَيْضًا مَحْرُومٌ.
وَفِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ، وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ الْخُمُسَ يُصْرَفُ لِذَوِي الْقُرْبَى، وَالْيَتَامَى وَابْنِ السَّبِيلِ وَبِهِ نَأْخُذُ وَقَالَ صَاحِبُ الْبَحْرِ هَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْفَتْوَى عَلَى الصَّرْفِ إلَى الْأَقْرِبَاءِ الْأَغْنِيَاءِ فَلْيُحْفَظْ وَ (ذَكَرَهُ تَعَالَى) حَيْثُ قَالَ فَإِنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ (لِلتَّبَرُّكِ) كَمَا قَالَ عَامَّةُ أَصْحَابِنَا.
وَقَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ لِعِمَارَةِ الْبَيْتِ الْحَرَامِ إنْ كَانَتْ الْقِسْمَةُ بِقُرْبِهِ وَإِلَى عِمَارَةِ الْجَوَامِعِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ هِيَ فِي الْقُرْبِ مِنْ مَوْضِعِ الْقِسْمَةِ (وَسَهْمُ النَّبِيِّ - عَلَيْهِ السَّلَامُ - سَقَطَ بِمَوْتِهِ) لِأَنَّهُ كَانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute