أَيْ: الِانْتِهَاءِ، وَأَثْقَالُهَا الَّتِي لَا تَقُومُ إلَّا بِهَا: كَالسِّلَاحِ، وَالْكُرَاعِ وَقِيلَ: آثَامُهَا، وَالْمَعْنَى حَتَّى تَضَعَ أَهْلُ الْحَرْبِ شِرْكَهُمْ وَمَعَاصِيَهُمْ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنْ انْقِضَاءِ الْحَرْبِ وَهَذَا اقْتِبَاسٌ مِنْ الْقُرْآنِ (فَيَقُولُ) الْإِمَامُ هَذَا تَفْسِيرٌ لِلتَّنْفِيلِ.
(مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا) أَيْ مَقْتُولًا بِاعْتِبَارِ مَا يَئُولُ إلَيْهِ (فَلَهُ سَلَبُهُ، أَوْ) يَقُولُ (مَنْ أَصَابَ شَيْئًا فَلَهُ رُبُعُهُ) مَثَلًا (أَوْ يَقُولُ لِسَرِيَّةٍ جَعَلْت لَكُمْ الرُّبُعَ بَعْدَ) مَا رُفِعَ (الْخُمُسُ) .
وَفِي التَّبْيِينِ قَوْلُهُ بَعْدَ الْخُمُسِ لَيْسَ عَلَى سَبِيلِ الشَّرْطِ ظَاهِرًا؛ لِأَنَّهُ لَوْ نَفَّلَ بِرُبُعِ الْكُلِّ جَازَ وَإِنَّمَا وَقَعَ ذَلِكَ اتِّفَاقًا أَلَا يَرَى أَنَّهُ لَوْ نَفَّلَ السَّرِيَّةَ بِالْكُلِّيَّةِ جَازَ؛ فَهَذَا أَوْلَى.
وَفِي التَّنْوِيرِ وَيَسْتَحِقُّ الْإِمَامُ لَوْ قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا؛ فَلَهُ سَلَبُهُ إذَا قَتَلَ هُوَ اسْتِحْسَانٌ بِخِلَافِ: مَنْ قَتَلْتُهُ أَنَا فَلِي سَلَبُهُ لِلتُّهْمَةِ، إلَّا إذَا عَمَّمَ بَعْدَهُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَلَوْ خَاطَبَ وَاحِدًا فَقَتَلَ الْمُخَاطَبُ رَجُلَيْنِ فَلَهُ سَلَبُ الْأَوَّلِ خَاصَّةً إلَّا إذَا قَتَلَهُمَا مَعًا فَلَهُ سَلَبُ وَاحِدٍ، وَالْخِيَارُ فِي تَعْيِينِهِ لِلْقَاتِلِ لَا لِلْإِمَامِ، وَلَوْ عَلَى الْعُمُومِ فَقَتَلَ رَجُلٌ اثْنَيْنِ فَأَكْثَرَ فَاسْتَحَقَّ سَلَبَهُمَا، ثُمَّ اسْتِحْقَاقُ السَّلَبِ إذَا كَانَ الْقَتِيلُ مُبَاحَ الدَّمِ فَلَا يَسْتَحِقُّهُ بِقَتْلِ النِّسَاءِ وَغَيْرِ الْمُكَلَّفِينَ إلَّا إذَا قَاتَلَ صَبِيٌّ فَقَتَلَهُ اسْتَحَقَّ سَلَبَهُ وَيَسْتَحِقُّهُ بِقَتْلِ الْمَرِيضِ، وَالْأَجِيرِ مِنْهُمْ، وَالتَّاجِرِ فِي عَسْكَرِهِمْ، وَالذِّمِّيِّ الَّذِي نَقَضَ الْعَهْدَ وَخَرَجَ إلَيْهِمْ كَمَا يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ مَنْ يَسْتَحِقُّ السَّهْمَ، أَوْ الرَّضْخَ فَشَمِلَ الذِّمِّيَّ، وَالتَّاجِرَ، وَالْمَرْأَةَ، وَالْعَبْدَ.
(وَلَا يُنَفِّلُ) أَيْ: لَا يَنْبَغِي لِلْإِمَامِ أَنْ يُنَفِّلَ (بِكُلِّ الْمَأْخُوذِ) بِأَنْ يَقُولَ لِلْعَسْكَرِ كُلُّ مَا أَخَذْتُمْ فَهُوَ لَكُمْ بِالسَّوِيَّةِ بَعْدَ الْخُمُسِ، أَوْ لِلسَّرِيَّةِ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ السَّهْمَيْنِ اللَّذَيْنِ أَوْجَبَهُمَا الشَّرْعُ إذْ فِيهِ تَسْوِيَةُ الْفَارِسِ بِالرَّاجِلِ، وَكَذَا لَوْ قَالَ مَا أَصَبْتهمْ فَهُوَ لَكُمْ وَلَمْ يَقُلْ بَعْدَ الْخُمُسِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إبْطَالَ الْخُمُسِ الثَّابِتِ بِالنَّصِّ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْمُعْتَبَرَاتِ لَكِنْ فِي الْفَتْحِ كَلَامٌ، فَلْيُطَالَعْ.
وَفِي الْهِدَايَةِ، وَإِنْ فَعَلَهُ مَعَ السَّرِيَّةِ أَيْ: قَالَ مَا أَصَبْتُمْ فَلَكُمْ جَازَ؛ لِأَنَّ التَّصَرُّفَ إلَيْهِ، وَقَدْ تَكُونُ الْمَصْلَحَةُ فِيهِ (وَلَا بَعْدَ الْإِحْرَازِ) أَيْ: لَا يُنَفِّلُ بَعْدَ إحْرَازِ الْغَنِيمَةِ بِدَارِ الْإِسْلَامِ؛ لِأَنَّ حَقَّ الْغَيْرِ تَأَكَّدَ فِيهِ بِالْإِحْرَازِ، وَكَذَا لَا يُنَفِّلُ يَوْمَ الْفَتْحِ إذْ فِيهِ إبْطَالُ حَقِّ الْغَيْرِ (إلَّا مِنْ الْخُمُسِ) أَيْ: يَجُوزُ التَّنْفِيلُ بَعْدَ الْإِحْرَازِ مِنْ الْخُمُسِ إلَّا لِلْغَنِيِّ؛ لِأَنَّ الْخُمُسَ لِلْمُحْتَاجِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَغَيْرِهِ لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ تَصْرِيحٌ بِأَنَّهُ تَنْفِيلٌ يَدُلُّ عَلَى جَوَازِهِ لِلْغَنِيِّ، تَتَبَّعْ (وَالسَّلَبُ) بِفَتْحَتَيْنِ بِمَعْنَى الْمَسْلُوبِ مَا يُنْزَعُ مِنْ الْإِنْسَانِ وَغَيْرِهِ (لِلْكُلِّ) أَيْ: لِجَمِيعِ الْجُنْدِ (إنْ لَمْ يُنَفِّلْ) الْإِمَامُ، فَالْقَاتِلُ وَغَيْرُهُ فِيهِ سَوَاءٌ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute