للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لَا تَصِحُّ الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ وَالْإِقْرَاضُ مِنْ أَحَدِهِمَا فِي حَقِّ شَرِيكِهِ فَصَارَتْ كَالْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ، وَلَهُ أَنَّهَا تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَلَكِنَّهَا تَنْقَلِبُ مُفَاوَضَةً بَقَاءً لِأَنَّهُ يَرْجِعُ بِمَا يُؤَدِّي عَلَى الْمَكْفُولِ عَنْهُ إذَا كَفَلَ بِأَمْرِهِ، وَكَلَامُنَا فِي الْبَقَاءِ بِخِلَافِ الْكَفَالَةِ بِالنَّفْسِ لِأَنَّهَا تَبَرُّعٌ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً.

(وَكَذَا) لَزِمَ الْآخَرَ (إنْ لَزِمَ) أَحَدَهُمَا دَيْنٌ (بِغَصْبٍ) يَعْنِي لَوْ غَصَبَ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ شَيْئًا وَهَلَكَ فِي يَدِهِ يَلْزَمُ الْآخَرَ عِنْدَ الطَّرَفَيْنِ (خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ) أَيْ لَا يَلْزَمُ الْآخَرَ لِأَنَّهُ لَيْسَ مِنْ ضَمَانِ التِّجَارَةِ، وَلَهُمَا أَنَّ الْمَضْمُونَ يَكُونُ مَمْلُوكًا عِنْدَ الضَّمَانِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْقَبْضِ فَيَلْتَحِقُ بِضَمَانِ التِّجَارَةِ (وَفِي الْكَفَالَةِ بِلَا أَمْرِ) الْمَكْفُولِ عَنْهُ (لَا يَلْزَمُهُ فِي الصَّحِيحِ) لِانْعِدَامِ مَعْنَى الْمُفَاوَضَةِ ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً.

وَفِي الْمِنَحِ إذَا اُدُّعِيَ عَلَى أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ فَاسْتُحْلِفَ فَأَرَادَ الْمُدَّعِي اسْتِحْلَافَ الْآخَرِ فَإِنَّ الْقَاضِي يَسْتَحْلِفُهُ عَلَى فِعْلِ نَفْسِهِ فَأَيُّهُمَا نَكَلَ يُمْضِي الْأَمْرَ عَلَيْهِمَا لِأَنَّ إقْرَارَ أَحَدِهِمَا كَإِقْرَارِهِمَا، وَلَوْ ادَّعَى عَلَى أَحَدِهِمَا وَهُوَ غَائِبٌ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَ الْحَاضِرَ عَلَى عِلْمِهِ لِأَنَّهُ فِعْلُ غَيْرِهِ فَإِنْ حَلَفَ ثُمَّ قَدِمَ الْغَائِبُ كَانَ لَهُ أَنْ يَسْتَحْلِفَهُ أَلْبَتَّةَ فَلَوْ حَلَفَ ثُمَّ أَرَادَ أَنْ يَسْتَحْلِفَ شَرِيكَهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ.

وَفِي الْمَجْمَعِ وَإِقْرَارُهُ أَيْ إقْرَارُ أَحَدِ الْمُفَاوِضَيْنِ لِلْأَبِ بِدَيْنٍ غَيْرِ لَازِمٍ لِشَرِيكِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ خِلَافًا لَهُمَا، وَلَوْ ادَّعَى مُفَاوَضَةً عَلَى آخَرَ فَأَنْكَرَ الْآخَرُ فَبَرْهَنَ الْمُدَّعِي ثُمَّ ادَّعَى ذُو الْيَدِ مِلْكِيَّتَهُ فِي عَيْنٍ بِبَيِّنَةٍ يَرُدُّهَا أَيْ أَبُو يُوسُفَ الْبَيِّنَةَ وَقَبِلَهَا أَيْ مُحَمَّدٌ بِبَيِّنَةِ ذِي الْيَدِ وَدَلِيلُ الطَّرَفَيْنِ مَذْكُورٌ فِي شَرْحِهِ. هَذَا إذَا لَمْ يَذْكُرْ مِلْكَ الْعَيْنِ فِي دَعْوَى الْمُفَاوَضَةِ وَإِنْ ذَكَرَهَا لَا تُقْبَلُ بَيِّنَةُ ذِي الْيَدِ اتِّفَاقًا.

وَلَوْ اسْتَحَقَّ رَجُلٌ عَقَارًا بِبَيِّنَةٍ فَبَرْهَنَ ذُو الْيَدِ عَلَى تَجْدِيدِ بِنَاءٍ فِيهِ اطَّرَدَ الْخِلَافُ أَيْ قَالَ أَبُو يُوسُفَ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَالَ مُحَمَّدٌ تُقْبَلُ.

(وَإِنْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا) أَيْ أَحَدُ الْمُفَاوِضَيْنِ (مَا تَصِحُّ بِهِ) وَالْأَوْلَى فِيهِ (الشَّرِكَةُ) مِنْ النَّقْدَيْنِ وَغَيْرِهِمَا (أَوْ وَهَبَ لَهُ) أَيْ لِأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ تَصَدُّقًا أَوْ غَيْرَهُ (وَقَبَضَهُ) الْمَوْهُوبُ لَهُ (صَارَتْ) الْمُفَاوَضَةُ (عِنَانًا) لِأَنَّ الْمُسَاوَاةَ فِيمَا يَصْلُحُ رَأْسُ الْمَالِ الْمُشْتَرَكَةِ ابْتِدَاءً وَبَقَاءً شَرْطٌ بِالْمُفَاوَضَةِ وَقَدْ فَاتَتْ بَقَاءٌ لِعَدَمِ مُشَارَكَةِ الْآخَرِ لَهُ فِي الْإِرْثِ وَالْهِبَةِ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُشَارِكُهُ فِيمَا يَحْصُلُ بِسَبَبِ التِّجَارَةِ أَوْ مَا يُشْبِهُهَا وَلَيْسَتْ الْمُسَاوَاةُ شَرْطًا فِي الْعِنَانِ فَانْقَلَبَتْ عِنَانًا.

(وَكَذَا) تَنْقَلِبُ عِنَانًا (إنْ فُقِدَ فِيهَا) أَيْ الْمُفَاوَضَةِ (شَرْطٌ لَا يُشْتَرَطُ فِي الْعِنَانِ) لِمَا قُلْنَا مِنْ زَوَالِ الْمُسَاوَاةِ (وَإِنْ وَرِثَ) أَحَدُهُمَا (عَرْضًا أَوْ عَقَارًا بَقِيَتْ مُفَاوَضَةً) لِأَنَّهُمَا مِمَّا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ فَلَا تُشْتَرَطُ الْمُسَاوَاةُ وَلَوْ قَالَ مَا لَا تَصِحُّ فِيهِ الشَّرِكَةُ مَكَانَ عَرْضًا أَوْ عَقَارًا لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّهُ لَوْ وَرِثَ أَحَدُهُمَا دِينَارًا وَهُوَ دَرَاهِمُ أَوْ دَنَانِيرُ لَا تَبْطُلُ حَتَّى يَقْبِضَ لِأَنَّ الدَّيْنَ لَا تَصِحُّ الشَّرِكَةُ فِيهِ فَإِذَا قَبَضَ بَطَلَتْ الْمُفَاوَضَةُ كَمَا فِي الْمِنَحِ، وَكَذَا لَوْ عَمَّمَ الْإِرْثَ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ حُكْمَ الْهِبَةِ وَالْوَصِيَّةِ وَغَيْرِهِمَا كَذَلِكَ تَدَبَّرْ.

(وَلَا تَصِحُّ مُفَاوَضَةٌ وَلَا عِنَانٌ إلَّا بِالدَّرَاهِمِ

<<  <  ج: ص:  >  >>