أَوْ الدَّنَانِيرِ) بِاتِّفَاقِ أَصْحَابِنَا جَمِيعًا (أَوْ بِالْفُلُوسِ النَّافِقَةِ) أَيْ الرَّائِجَةِ (عِنْدَ مُحَمَّدٍ) لِأَنَّهَا تَرُوجُ كَالْأَثْمَانِ فَأَخَذَتْ حُكْمَهَا خِلَافًا لَهُمَا لِأَنَّ الرَّوَاجَ فِي الْفُلُوسِ عَارِضٌ ثَبَتَ بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ، وَذَا يَتَبَدَّلُ سَاعَةً فَسَاعَةً فَيَصِيرُ عَرْضًا فَلَا يَصْلُحُ أَنْ يَكُونَ رَأْسَ الْمَالِ وَذَكَرَ الْكَرْخِيُّ قَوْلَ أَبِي يُوسُفَ مَعَ مُحَمَّدٍ لَكِنَّ الْأَقْيَسَ مَعَ الْإِمَامِ.
وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ وَالْفَتْوَى عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ.
وَقَالَ الْإِسْبِيجَابِيُّ فِي الْمَبْسُوطِ الصَّحِيحُ أَنَّهَا عَلَى الْفُلُوسِ تَجُوزُ عَلَى قَوْلِ الْكُلِّ لِأَنَّهَا صَارَتْ ثَمَنًا بِاصْطِلَاحِ النَّاسِ كَمَا فِي الْكَافِي (أَوْ بِالتِّبْرِ) أَيْ جَوْهَرِ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ قَبْلَ أَنْ يُضْرَبَا وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَى غَيْرِهِمَا مِنْ الْمَعْدِنِيَّاتِ كَالنُّحَاسِ وَالْحَدِيدِ وَأَكْثَرُ اخْتِصَاصِهِ بِالذَّهَبِ، وَمِنْهُمْ مَنْ جَعَلَهُ فِي الذَّهَبِ حَقِيقَةً وَفِي غَيْرِهَا مَجَازًا (وَالنُّقْرَةِ) أَيْ الْقِطْعَةِ الْمُذَابَةِ مِنْ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ كَمَا فِي الْمُغْرِبِ، وَالْمُرَادُ غَيْرُ الْمَضْرُوبَةِ فَهِيَ مُسْتَدْرَكَةٌ بِالتِّبْرِ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ (إنْ تَعَامَلَ النَّاسُ بِهِمَا) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّهُ جَعَلَ فِي شَرِكَةِ الْأَصْلِ وَالْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنَّ التِّبْرَ بِمَنْزِلَةِ الْعُرُوضِ فَلَمْ يَصْلُحْ رَأْسَ مَالِ الشَّرِكَةِ وَالْمُضَارَبَةِ وَجَعَلَ فِي صَرْفِ الْأَصْلِ كَالْأَثْمَانِ حَتَّى لَا يَنْفَسِخَ الْعَقْدُ بِهَلَاكِهِ قَبْلَ التَّسْلِيمِ فَيَجُوزُ الشَّرِكَةُ بِهِ لِأَنَّهُمَا خُلِقَا ثَمَنَيْنِ، وَجْهُ الْأَوَّلِ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ أَنَّ الثَّمَنِيَّةَ تَخْتَصُّ بِالضَّرْبِ الْمَخْصُوصِ لِأَنَّهُ عِنْدَ ذَلِكَ لَا يُصْرَفُ إلَى شَيْءٍ آخَرَ ظَاهِرًا إلَّا أَنْ يَجْرِيَ التَّعَامُلُ بِاسْتِعْمَالِهَا ثَمَنًا فَيَنْزِلُ التَّعَامُلُ بِمَنْزِلَةِ الضَّرْبِ فَيَكُونُ ثَمَنًا وَيَصْلُحُ رَأْسُ الْمَالِ.
(وَلَا تَصِحَّانِ) أَيْ الْمُفَاوَضَةُ وَالْعِنَانُ (بِالْعُرُوضِ) أَيْ بِكَوْنِ مَالِهِمَا عُرُوضًا لِأَنَّ الشَّرِكَةَ تُؤَدِّي إلَى رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ لِأَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ بَيْعِهَا فَإِذَا بَاعَ أَحَدُهُمَا عُرُوضَهُ بِأَلْفٍ وَبَاعَ الْآخَرُ عُرُوضَهُ بِأَلْفٍ وَخَمْسِمِائَةٍ وَمُقْتَضَى الْعَقْدِ الشَّرِكَةُ فِي الْكُلِّ فَمَا يَأْخُذُهُ صَاحِبُ الْأَلْفِ زِيَادَةً عَلَى أَلْفٍ بِرِبْحِ مَا لَا يَضْمَنُ وَقَدْ نَهَى - عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ - عَنْ رِبْحِ مَا لَمْ يَضْمَنْ (إلَّا أَنْ يَبِيعَ) أَحَدُهُمَا (نِصْفَ عَرْضِهِ) أَيْ نِصْفَ مَالِهِ مِنْ الْعُرُوضِ (بِنِصْفِ عَرْضِ) الشَّرِيكِ (الْآخَرِ) مِنْهُ لِيَصِيرَ الْعَرْضُ مُشْتَرَكًا بَيْنَهُمَا أَوَّلًا شَرِكَةَ مِلْكٍ حَتَّى لَا يَجُوزَ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ (ثُمَّ يَعْقِدُ الشَّرِكَةَ) بَعْدَ ذَلِكَ إنْ شَاءَا مُفَاوَضَةً وَإِنْ شَاءَا عِنَانًا فَيَصِيرُ الْعَرْضُ رَأْسَ مَالِ شَرِكَةِ الْمُفَاوَضَةِ أَوْ الْعِنَانِ وَيَجُوزُ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا حِينَئِذٍ أَنْ يَتَصَرَّفَ فِي نَصِيبِ الْآخَرِ وَهَذِهِ حِيلَةٌ لِمَنْ أَرَادَ الشَّرِكَةَ مُفَاوَضَةً وَعِنَانًا بِالْعُرُوضِ، هَذَا إذَا تُسَاوَيَا قِيمَةً فَلَوْ تَفَاوَتَا بِأَنْ يَكُونَ قِيمَةُ مَتَاعِ أَحَدِهِمَا أَرْبَعَمِائَةٍ وَقِيمَةُ الْآخَرِ مِائَةً بَاعَ صَاحِبُ الْأَقَلِّ أَرْبَعَةَ أَخْمَاسِ عَرْضِهِ بِخُمُسِ عَرْضِ الْآخَرِ فَيَصِيرُ الْمَالُ بَيْنَهُمَا أَخْمَاسًا كَمَا فِي النِّهَايَةِ لَكِنْ فِي التَّبْيِينِ كَلَامٌ فَلْيُطَالَعْ.
(وَلَا) تَصِحُّ (بِالْمَكِيلِ وَالْمَوْزُونِ وَالْعَدَدِيِّ الْمُتَقَارِبِ) احْتِرَازًا عَنْ الْمُتَفَاوِتِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ مُطْلَقًا (قَبْلَ الْخَلْطِ) اتِّفَاقًا لِأَنَّهُ يَتَعَيَّنُ بِالتَّعْيِينِ فَيَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْعُرُوضِ.
(وَإِنْ خَلَطَا) أَيْ الشَّرِيكَانِ (جِنْسًا وَاحِدًا)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute