مُتَجَدِّدٌ مُنْقَطِعُ الْأَحْكَامِ عَنْ الْأَوَّلِ فَيَجُوزُ بِنَاءُ الْمُرَابَحَةِ عَلَيْهِ كَمَا إذَا تَحَلَّلَ ثَالِثٌ بِأَنْ بَاعَهُ الْمُشْتَرِي مِنْ أَجْنَبِيٍّ ثُمَّ بَاعَهُ الْأَجْنَبِيُّ مِنْ الْبَائِعِ ثُمَّ اشْتَرَاهُ الْأَوَّلُ مِنْهُ فَإِنَّهُ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً عَلَى الثَّمَنِ الْأَخِيرِ وَلَهُ أَنَّ شُبْهَةَ حُصُولِ الرِّبْحِ الْأَوَّلِ بِالْعَقْدِ الثَّانِي ثَابِتَةٌ لِأَنَّهُ لَا يَتَأَكَّدُ بِهِ بَعْدَمَا كَانَ عَلَى شَرَفِ الزَّوَالِ بِالظُّهُورِ عَلَى عَيْبٍ وَالشُّبْهَةُ كَالْحَقِيقَةِ فِي بَيْعِ الْمُرَابَحَةِ احْتِيَاطًا وَلِهَذَا لَا تَجُوزُ الْمُرَابَحَةُ فِيمَا أَخَذَهُ بِالصُّلْحِ لِشُبْهَةِ الْحَطِيطَةِ فِيهِ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي الْبَحْرِ نَقْلًا عَنْ الْمُحِيطِ أَنَّ مَا قَالَهُ الْإِمَامُ أَوْثَقُ وَمَا قَالَاهُ أَرْفَقُ
(وَإِنْ اشْتَرَى مَأْذُونٌ مَدْيُونٌ بِعَشَرَةٍ وَبَاعَ مِنْ سَيِّدِهِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ أَوْ بِالْعَكْسِ) بِأَنْ اشْتَرَى الْمَوْلَى بِعَشَرَةٍ مَثَلًا وَبَاعَهُ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ الْمُسْتَغْرَقِ بِالدَّيْنِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ (يُرَابِحُ) السَّيِّدُ فِي الْأُولَى وَالْعَبْدُ فِي الثَّانِيَةِ (عَلَى عَشَرَةٍ) فَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِعَشَرَةٍ لِأَنَّ هَذَا الْعَقْدَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا فِي نَفْسِهِ فِيهِ شُبْهَةُ الْعَدَمِ لِأَنَّ الْعَبْدَ مِلْكُهُ وَمَا فِي يَدِهِ لَا يَخْلُو عَنْ حَقِّهِ فَاعْتُبِرَ عَدَمًا فِي حَقِّ الْمُرَابَحَةِ وَبَقِيَ الِاعْتِبَارُ لِلْبَيْعِ الْأَوَّلِ فَيَصِيرُ كَأَنَّ الْعَبْدَ اشْتَرَاهُ لِلْمَوْلَى بِعَشَرَةٍ فِي الْفَصْلِ الْأَوَّلِ وَكَأَنَّهُ يَبِيعُهُ لِلْمَوْلَى فِي الْفَصْلِ الثَّانِي فَيُعْتَبَرُ الثَّمَنُ الْأَوَّلُ.
وَالْمُكَاتَبُ كَالْمَأْذُونِ لِوُجُودِ التُّهْمَةِ بَلْ كُلُّ مَنْ لَا تُقْبَلُ شَهَادَةٌ لَهُ كَالْأُصُولِ وَالْفُرُوعِ وَأَحَدِ الزَّوْجَيْنِ وَأَحَدِ الْمُتَفَاوِضَيْنِ كَذَلِكَ وَخَالَفَاهُ فِيمَا عَدَا الْعَبْدِ وَالْمُكَاتَبِ وَتَقْيِيدُهُ بِالْمَدْيُونِ اتِّفَاقِيٌّ لِيُعْلَمَ حُكْمَ غَيْرِهِ بِالْأَوْلَى لِوُجُودِ مِلْكِ الْمَوْلَى فِي اكْتِسَابِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَفِيهِ كَلَامٌ لِأَنَّ التَّقْيِيدَ لَيْسَ بِاتِّفَاقِيٍّ بَلْ لِتَحَقُّقِ الشِّرَاءِ قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فَإِنْ كَانَ الْعَبْدُ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَالشِّرَاءُ الثَّانِي بَاطِلٌ لِأَنَّ الْعَبْدَ إذَا كَانَ لَا دَيْنَ عَلَيْهِ فَمَالُهُ لِمَوْلَاهُ كَمَا فِي أَكْثَرِ الْكُتُبِ تَدَبَّرْ.
هَذَا إذَا لَمْ يُبَيِّنْ أَمَّا إنْ بَيَّنَ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ عَبْدِهِ الْمَأْذُونِ أَوْ مِنْ مُكَاتَبِهِ أَوْ بَيَّنَ أَنَّهُمَا اشْتَرَيَا مِنْ الْمَوْلَى يَجُوزُ بَيْعُهُمْ مُرَابَحَةً كَمَا فِي النُّقَايَةِ فَعَلَى هَذَا لَوْ قَالَ إلَّا أَنْ يُبَيِّنَ لَكَانَ أَوْلَى.
(وَالْمُضَارِبُ بِالنِّصْفِ لَوْ شَرَى) بِمَالِ الْمُضَارَبَةِ شَيْئًا (بِعَشَرَةٍ وَبَاعَ مِنْ رَبِّ الْمَالِ بِخَمْسَةَ عَشَرَ يُرَابِحُ رَبَّ الْمَالِ عَلَى اثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ) فَيَقُولُ قَامَ عَلَيَّ بِاثْنَيْ عَشَرَ وَنِصْفٍ هَذَا عِنْدَنَا لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا يَسْتَفِيدُ مِلْكَ الْيَدِ بِهَذَا الْعَقْدِ وَإِنْ لَمْ يَسْتَفِدْ مِلْكَ الرَّقَبَةِ فَيُعْتَبَرُ الْعَقْدُ مَعَ شُبْهَةِ الْعَدَمِ لِأَنَّ الْمُضَارِبَ وَكِيلٌ عَنْ رَبِّ الْمَالِ فِي الْبَيْعِ الْأَوَّلِ مِنْ وَجْهٍ فَجُعِلَ الْبَيْعُ الثَّانِي عَدَمًا فِي حَقِّ نِصْفِ الرِّبْحِ وَعِنْدَ زُفَرَ لَا يَجُوزُ بَيْعُ رَبِّ الْمَالِ مِنْ الْمُضَارِبِ وَلَا بَيْعُ الْمُضَارِبِ مِنْهُ لِانْعِدَامِ الرِّبْحِ لِأَنَّ الرِّبْحَ يَحْصُلُ إذَا بِيعَ مِنْ الْأَجْنَبِيِّ إذْ الْبَيْعُ تَمْلِيكُ مَالٍ بِمَالِ غَيْرِهِ وَهُوَ يَشْتَرِي مَالَهُ بِمَالِهِ (وَيُرَابِحُ) مَنْ يُرِيدُ الْمُرَابَحَةَ (بِلَا بَيَانٍ) أَيْ مِنْ غَيْرِ بَيَانٍ أَنَّهُ اشْتَرَاهُ سَلِيمًا بِكَذَا مِنْ الثَّمَنِ فَتَعَيَّبَ عِنْدَهُ أَمَّا بَيَانُ نَفْسِ الْعَيْبِ الْقَائِمِ بِهِ فَلَا بُدَّ مِنْهُ لِئَلَّا يَكُونَ غَاشًّا لَهُ لِلْحَدِيثِ الصَّحِيحِ «مَنْ غَشَّ فَلَيْسَ مِنَّا» كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(لَوْ اعْوَرَّتْ الْمَبِيعَةُ) بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ أَوْ بِصُنْعِ الْمَبِيعَةِ (أَوْ وُطِئَتْ وَهِيَ)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute