وَالْحَالُ أَنَّهَا (ثَيِّبٌ) وَلَمْ يُنْقِصْهَا الْوَطْءُ سَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ مَوْلَاهَا أَوْ غَيْرَهُ، وَلِذَا أَتَى بِصِيغَةِ الْمَجْهُولِ (أَوْ أَصَابَ الثَّوْبَ قَرْضُ فَأْرٍ) أَيْ قَطْعُ فَأْرٍ (أَوْ حَرْقُ نَارٍ) لِأَنَّ جَمِيعَ مَا يُقَابِلُهُ الثَّمَنُ قَائِمٌ إذْ الْفَائِتُ وَصْفٌ فَلَا يُقَابِلُهُ شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ إذَا فَاتَ بِلَا صُنْعِهِ وَلِذَا لَوْ فَاتَ فِي يَدِ الْبَائِعِ قَبْلَ قَبْضِ الْمُشْتَرِي لَا يَسْقُطُ بِاعْتِبَارِ شَيْءٍ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنَّ الْمُشْتَرِيَ بِالْخِيَارِ أَخْذُهُ بِكُلِّ الثَّمَنِ أَوْ تَرْكُهُ وَكَذَا مَنَافِعُ الْبُضْعِ لَا يُقَابِلُهَا الثَّمَنُ. وَعِنْدَ زُفَرَ وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ وَرِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ يَجِبُ الْبَيَانُ لِأَجْلِ النُّقْصَانِ فِي صُورَةِ الِاعْوِرَارِ أَمَّا فِي صُورَةِ وَطْءِ الثَّيِّبِ فَلَا خِلَافَ.
وَقَالَ أَبُو اللَّيْثِ وَقَوْلُ زُفَرَ أَجْوَدُ وَبِهِ نَأْخُذُ وَرَجَّحَهُ فِي الْفَتْحِ وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنْ نَقَصَهُ قَدْرًا لَا يَتَغَابَنُ النَّاسُ فِيهِ لَا يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِلَا بَيَانٍ وَدَلَّ كَلَامُهُ أَنَّهُ لَوْ نَقَصَ بِتَغْيِيرِ السِّعْرِ بِأَمْرِ اللَّهِ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ أَنْ يُعَيِّنَ، بِالْأَوْلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ فِي حَالِ غَلَائِهِ وَكَذَا لَوْ اصْفَرَّ الثَّوْبُ لِطُولِ مُكْثِهِ أَوْ تَوَسَّخَ كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَإِنْ فُقِئَتْ عَيْنُهَا) بِمُبَاشَرَةِ الْغَيْرِ سَوَاءٌ فَقَأَهَا الْمَوْلَى أَوْ الْأَجْنَبِيُّ بِأَمْرِ الْمَوْلَى أَوْ بِدُونِهِ (أَوْ وُطِئَتْ وَهِيَ بِكْرٌ) سَوَاءٌ كَانَ الْوَاطِئُ مَوْلَاهَا أَوْ غَيْرَهُ (أَوْ تَكَسَّرَ الثَّوْبُ مِنْ طَيِّهِ وَنَشْرِهِ لَزِمَ الْبَيَانُ) أَيْ يَبِيعُهُ مُرَابَحَةً بِشَرْطِ أَنْ يُبَيِّنَ الْعَيْبَ حَيْثُ احْتَبَسَ عِنْدَهُ جُزْءَ بَعْضِ الْمَبِيعِ وَهُوَ الْعُذْرَةُ وَالْعَيْنُ لِأَنَّ إزَالَةَ الْعُذْرَةِ وَإِخْرَاجَ الْعَيْنِ عِنْدَ كَوْنِهَا فِي مِلْكِهِ فَلَا يَمْلِكُ بَيْعَ الْبَاقِي بِكُلِّ الثَّمَنِ مُرَابَحَةً وَتَوْلِيَةً إذْ الْأَوْصَافُ إذَا صَارَتْ مَقْصُودَةً بِالْإِتْلَافِ صَارَ بِهَا حِصَّةٌ مِنْ الثَّمَنِ بِلَا خِلَافٍ، أَمَّا إذَا فَقَأَهَا الْأَجْنَبِيُّ فَيَجِبُ الْبَيَانُ، أَخَذَ أَرْشَهَا أَوْ لَا لِأَنَّهُ لَمَّا فَقَأَ الْأَجْنَبِيُّ أَوْجَبَ عَلَيْهِ ضَمَانَ الْأَرْشِ وَوُجُوبُ ضَمَانِ الْأَرْشِ سَبَبٌ لِأَخْذِ الْأَرْشِ فَأَخَذَ حُكْمَهُ فَمَا وَقَعَ فِي الْهِدَايَةِ مِنْ التَّقْيِيدِ يَقُولُ وَأَخْذُ الْمُشْتَرِي أَرْشَهُ اتِّفَاقِيٌّ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَإِنَّمَا قُلْنَا بِمُبَاشَرَةِ الْغَيْرِ لِأَنَّهُ إذَا فَقَأَ بِفِعْلِ نَفْسِ الْمَبِيعِ فَهُوَ بِمَنْزِلَةِ مَا لَوْ تَعَيَّبَ بِآفَةٍ سَمَاوِيَّةٍ.
(وَإِنْ اشْتَرَى بِنَسِيئَةٍ وَرَابَحَ بِلَا بَيَانٍ خُيِّرَ الْمُشْتَرِي) أَيْ مَنْ اشْتَرَى ثَوْبًا بِعَشَرَةٍ نَسِيئَةً وَبَاعَهُ بِرِبْحِ وَاحِدٍ حَالًّا وَلَمْ يُبَيِّنْ ذَلِكَ فَعَلِمَ الْمُشْتَرِي خِيَانَتَهُ يَصِيرُ مُخَيَّرًا إنْ شَاءَ رَدَّهُ وَإِنْ شَاءَ قَبِلَهُ لِأَنَّ لِلْأَجَلِ شَبَهًا بِالْمَبِيعِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ يُزَادُ فِي الثَّمَنِ لِأَجْلِ الْأَجَلِ وَالشُّبْهَةُ فِي هَذَا مُلْحَقَةٌ بِالْحَقِيقَةِ احْتِيَاطًا فَصَارَ كَأَنَّهُ اشْتَرَى شَيْئَيْنِ وَبَاعَ أَحَدَهُمَا مُرَابَحَةً بِثَمَنِهِمَا (فَإِنْ أَتْلَفَهُ) أَيْ الْمُشْتَرِي الْمَبِيعَ (ثُمَّ عَلِمَ لَزِمَ كُلُّ ثَمَنِهِ) الْمُسَمَّى إذْ لَيْسَ لَهُ إلَّا وِلَايَةُ الرَّدِّ وَلَا رَدَّ مَعَ الْإِتْلَافِ وَلَوْ عَبَّرَ بِالتَّلَفِ لَكَانَ أَوْلَى لِأَنَّ حُكْمَ الْإِتْلَافِ يُعْلَمُ مِنْ حُكْمِ التَّلَفِ بِالْأَوْلَى بِخِلَافِ الْعَكْسِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
(وَكَذَا التَّوْلِيَةُ) يَعْنِي لَوْ اشْتَرَى بِنَسِيئَةٍ وَوَلَّاهُ بِلَا بَيَانٍ ثُمَّ عَلِمَ الْمُشْتَرِي الْخِيَانَةَ خُيِّرَ لِأَنَّ الْخِيَانَةَ فِي التَّوْلِيَةِ مِثْلُهَا فِي الْمُرَابَحَةِ لِابْتِنَائِهَا عَلَى الثَّمَنِ الْأَوَّلِ كَمَا فِي الْفَرَائِدِ وَغَيْرِهِ لَكِنْ يَنْبَغِي أَنْ يَعُودَ قَوْلُهُ وَكَذَا التَّوْلِيَةُ إلَى جَمِيعِ مَا ذَكَرَهُ لِلْمُرَابَحَةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْبَيَانِ فِي التَّوْلِيَةِ أَيْضًا كَمَا فِي الْبَحْرِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute