للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الْحَالُ لِأَنَّ الظَّاهِرَ لَا يَصْلُحُ حُجَّةً لِلِاسْتِحْقَاقِ وَهِيَ مُحْتَاجَةٌ إلَيْهِ، أَمَّا الْوَرَثَةُ فَهُمْ الدَّافِعُونَ وَيَشْهَدُ لَهُمْ ظَاهِرُ الْحُدُوثِ أَيْضًا كَمَا فِي الْهِدَايَةِ، وَالتَّعْبِيرُ بِالِاسْتِصْحَابِ أَحْسَنُ مِنْ التَّعْبِيرِ بِالظَّاهِرِ فَإِنَّ مَا ثَبَتَ بِهِ الِاسْتِحْقَاقُ كَثِيرًا مَا يَكُونُ ظَاهِرًا كَإِخْبَارِ الْآحَادِ كَثِيرًا مَا يُوجِبُ اسْتِحْقَاقًا كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(وَإِنْ قَالَ الْمُودَعُ) بِفَتْحِ الدَّالِ (هَذَا ابْنُ مُودِعِي) بِكَسْرِ الدَّالِ (الْمَيِّتِ لَا وَارِثَ لَهُ) أَيْ لِلْمُودِعِ (غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ هَذَا الِابْنِ، قَيَّدَهُ بِهِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: لَهُ وَارِثٌ غَيْرُهُ وَلَا أَدْرِي أَمَاتَ أَمْ لَا لَا يُدْفَعُ إلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى يُقِيمَ الْمُدَّعِي بَيِّنَةً بِقَوْلِهِ لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ (دَفَعَ الْوَدِيعَةَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الِابْنِ لِأَنَّ مَا فِي يَدِهِ مِلْكُ الْوَارِثِ خِلَافَةً عَنْ الْمَيِّتِ.

قَيَّدَ بِإِقْرَارِهِ بِالْبُنُوَّةِ لِأَنَّهُ لَوْ قَالَ: هَذَا أَخُوهُ شَقِيقُهُ، وَلَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ يَدَّعِيهِ فَالْقَاضِي يَتَأَنَّى فِي ذَلِكَ، وَالْفَرْقُ أَنَّ اسْتِحْقَاقَ الْأَخِ بِشَرْطِ عَدَمِ الِابْنِ، لِأَنَّهُ وَارِثٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ، قَيَّدَ بِالْوَارِثِ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا أَقَرَّ أَنَّهُ وَصِيُّهُ أَوْ وَكِيلُهُ أَوْ الْمُشْتَرِي مِنْهُ فَإِنَّهُ لَا يَدْفَعُهَا إلَيْهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَإِنْ قَالَ) الْمُودَعُ (لِآخَرَ) بَعْدَ إقْرَارِهِ لِلْأَوَّلِ (هَذَا ابْنُهُ أَيْضًا وَكَذَّبَهُ الْأَوَّلُ) وَقَالَ لَيْسَ لَهُ ابْنٌ غَيْرِي (قُضِيَ لِلْأَوَّلِ) لَا لِلثَّانِي لِأَنَّهُ لَمَّا صَحَّ إقْرَارُهُ لِلْأَوَّلِ لِكَوْنِهِ خَالِيًا عَنْ الْكَذِبِ انْقَطَعَ يَدُ الْمُقِرِّ عَنْ الْوَدِيعَةِ فَلَا عِبْرَةَ لِإِقْرَارِهِ لِلثَّانِي لِكَوْنِهِ إقْرَارًا عَلَى الْغَيْرِ، وَلَمْ يَذْكُرْ ضَمَانَ الْمُودَعِ لِلثَّانِي فَفِي الْغَايَةِ أَنَّهُ لَا يَغْرَمُ لِلِابْنِ الثَّانِي شَيْئًا بِإِقْرَارِهِ لَهُ.

وَفِي النِّهَايَةِ فَإِنْ قِيلَ: يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْمُودَعُ هُنَا لِلْمُقَرِّ لَهُ الثَّانِي كَمَا قُلْنَا فِي مُودَعِ الْقَاضِي الْمَعْزُولِ إذَا بَدَأَ بِالْإِقْرَارِ بِمَا فِي يَدِهِ لِإِنْسَانٍ، ثُمَّ أَقَرَّ بِأَنَّ الْقَاضِيَ الْمَعْزُولَ سَلَّمَهُ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ لِلْقَاضِي قُلْنَا هَذَا أَيْضًا يَضْمَنُ نَصِيبَهُ إذَا دَفَعَ إلَى الْمُقَرِّ لَهُ الْأَوَّلِ بِغَيْرِ رِضَى الْقَاضِي، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي الْفَتْحِ.

(وَلَوْ قُسِمَ الْمِيرَاثُ بَيْنَ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ بِشَهَادَةٍ لَمْ يَقُولُوا) أَيْ الشُّهُودُ (فِيهَا) أَيْ فِي هَذِهِ الشَّهَادَةِ (لَا نَعْرِفُ لَهُ وَارِثًا) آخَرَ (أَوْ غَرِيمًا آخَرَ لَا يُؤْخَذُ مِنْهُمْ) أَيْ مِنْ الْوَرَثَةِ أَوْ الْغُرَمَاءِ (كَفِيلٌ وَهُوَ) أَيْ أَخْذُ الْكَفِيلِ مِنْ قِبَلِ الْقَاضِي كَمَا فَعَلَهُ الْبَعْضُ (احْتِيَاطُ ظُلْمٍ) أَيْ مَيْلٍ عَنْ سَوَاءِ الطَّرِيقِ، وَهَذَا يَكْشِفُ عَنْ مَذْهَبِهِ أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ لَا كَمَا ظَنَّهُ الْبَعْضُ.

وَفِي الْغَايَةِ أَيْ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْمُجْتَهِدَ يُخْطِئُ وَيُصِيبُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ أَسْبَقُ الْأَئِمَّةِ وَأَصْحَابَهُ يَبْرَأُ عَنْ مَذْهَبِ الِاعْتِزَالِ حَيْثُ قَالُوا: كُلُّ مُجْتَهِدٍ مُصِيبٌ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ، فَلْيُطَالَعْ.

(وَعِنْدَهُمَا يُؤْخَذُ) لِأَنَّ فِي التَّكْفِيلِ نَظَرًا لِلْغَائِبِ عَلَى تَقْدِيرِ وُجُودِهِ وَلِلْإِمَامِ أَنَّ وُجُودَ آخَرَ مَوْهُومٌ، فَلَا يُؤْخَذُ الثَّابِتُ قَطْعًا لَهُ، أَطْلَقَهُ فَشَمِلَ مَا إذَا ثَبَتَ الدَّيْنُ وَالْإِرْثُ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ بِالْإِقْرَارِ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَوَّلِ، وَلَا خِلَافَ فِي أَخْذِ الْكَفِيلِ فِي الثَّانِي وَهِيَ وَارِدَةٌ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَشَمِلَ مَا إذَا قَالَ الشُّهُودُ: لَا نَعْلَمُ لَهُ وَارِثًا غَيْرَهُ وَهُنَا لَا يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ اتِّفَاقًا وَقَيَّدَ بِعَدَمِ التَّكْفِيلِ لِأَنَّ الْقَاضِيَ يَتَلَوَّمُ وَلَا يَدْفَعُ إلَيْهِ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَا وَارِثَ لَهُ غَيْرُهُ وَلَا غَرِيمَ

<<  <  ج: ص:  >  >>