لَهُ آخَرُ اتِّفَاقًا.
(وَمَنْ ادَّعَى) عَلَى آخَرَ (عَقَارًا إرْثًا لَهُ) أَيْ لِنَفْسِهِ (وَلِأَخِيهِ الْغَائِبِ وَبَرْهَنَ) الْمُدَّعَى (عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى مَا ادَّعَاهُ (دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْمُدَّعِي (نِصْفُهُ) أَيْ نِصْفُ مَا ادَّعَاهُ مُشَاعًا غَيْرَ مَقْسُومٍ (وَتُرِكَ بَاقِيهِ) أَيْ تُرِكَ نِصْفُهُ الْبَاقِي وَهُوَ نَصِيبُ الْغَائِبِ (مَعَ ذِي الْيَدِ بِلَا أَخْذِ كَفِيلٍ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذِي الْيَدِ.
(وَلَوْ) كَانَ ذُو الْيَدِ (جَاحِدًا) دَعْوَاهُ عِنْدَ الْإِمَامِ، هَذَا ظَاهِرٌ فِي صُورَةِ الْإِقْرَارِ وَأَيْضًا فِي صُورَةِ الْجُحُودِ لِأَنَّ الْحَاضِرَ لَيْسَ بِخَصْمٍ عَنْ الْغَائِبِ فِي اسْتِيفَاءِ نَصِيبِهِ وَلَيْسَ لِلْقَاضِي التَّعَرُّضُ بِلَا خَصْمٍ كَمَا إذَا رَأَى شَيْئًا فِي يَدِ إنْسَانٍ، يَعْلَمُ أَنَّهُ لِغَيْرِهِ لَا يُنَازِعُهُ بِلَا خَصْمٍ وَقَدْ ارْتَفَعَ جُحُودُهُ بِقَضَاءِ الْقَاضِي، إذْ الْقَضِيَّةُ صَارَتْ مَعْلُومَةً فَلَا يَجْحَدُ بَعْدَهُ فَيَصِيرُ جُحُودُهُ قَبْلَ ذَلِكَ لِاشْتِبَاهِ الْأَمْرِ فَلَا يَكُونُ خَائِنًا بِهِ، وَلِأَنَّ يَدَ الْجَاحِدِ يَدُ ضَمَانٍ وَيَدَ الْغَيْرِ أَمَانَةٌ، فَالْيَدُ الْأُولَى لِلْحِفْظِ أَوْلَى (وَقَالَا) إنْ لَمْ يَكُنْ جَاحِدًا فَكَذَا (إنْ كَانَ جَاحِدًا أُخِذَ) أَيْ أَخَذَ الْقَاضِي (النِّصْفُ الْآخَرُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذِي الْيَدِ (وَوُضِعَ عِنْدَ أَمِينٍ) حَتَّى يَقْدَمَ الْغَائِبُ لِخِيَانَتِهِ بِجُحُودِهِ فَلَا نَظَرَ فِي تَرِكَتِهِ (وَفِي الْمَنْقُولِ يُؤْخَذُ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذِي الْيَدِ (بِالِاتِّفَاقِ) أَيْ إذَا كَانَتْ الدَّعْوَى فِي الْمَنْقُولِ، فَقِيلَ يُؤْخَذُ مِنْهُ، وَيُوضَعُ عِنْدَ عَدْلٍ إلَى حُضُورِ صَاحِبِهِ اتِّفَاقًا فِي الْأَصَحِّ لِإِمْكَانِ كِتْمَانِ الْمَنْقُولِ بِخِلَافِ الْعَقَارِ لِأَنَّهُ مَحْفُوظٌ بِنَفْسِهِ، وَلِذَلِكَ يَمْلِكُ الْوَصِيُّ بَيْعَ الْمَنْقُولِ عَلَى الْكَبِيرِ الْغَائِبِ دُونَ بَيْعِ الْعَقَارِ (وَقِيلَ) هَذَا (عَلَى الْخِلَافِ) يَعْنِي عِنْدَ الْإِمَامِ يُتْرَكُ نِصْفُهُ الْبَاقِي مَعَ ذِي الْيَدِ وَلَا يَسْتَوْثِقُ نَفْسَهُ بِكَفِيلٍ وَعِنْدَهُمَا يُؤْخَذُ مِنْهُ وَيُوضَعُ عَلَى يَدِ عَدْلٍ، وَقِيلَ يُؤْخَذُ الْكَفِيلُ بِالِاتِّفَاقِ لِجُحُودِهِ، وَأَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُؤْخَذُ لَوْ مُقِرًّا كَمَا فِي الْبَحْرِ (وَإِذَا حَضَرَ الْغَائِبُ دُفِعَ إلَيْهِ) أَيْ إلَى الْغَائِبِ (نَصِيبُهُ بِدُونِ إعَادَةِ الْبَيِّنَةِ) لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَى إعَادَتِهَا، وَإِلَى الْقَضَاءِ لِأَنَّ أَحَدَ الْوَرَثَةِ يَتَنَصَّبُ خَصْمًا عَنْ الْمَيِّتِ فَيُثْبِتُ الْمِلْكَ لِلْمَيِّتِ، ثُمَّ يَكُونُ لَهُمْ بِطَرِيقِ الْمِيرَاثِ عَنْهُ، وَكَذَا يَقُومُ الْوَاحِدُ مَقَامَهُ فِيمَا عَلَيْهِ دَيْنًا أَوْ عَيْنًا فَيَقُومُ مَقَامَ سَائِرِ الْوَرَثَةِ فِي ذَلِكَ كَمَا فِي التَّبْيِينِ.
وَفِي الْبَحْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ اخْتِلَافًا وَذَكَرَهُ فِي الْفُصُولَيْنِ وَصَحَّحَ أَنَّهُ لَا يَحْتَاجُ، وَكَذَا يَنْتَصِبُ أَحَدُهُمْ فِيمَا عَلَيْهِ مُطْلَقًا إنْ كَانَ دَيْنًا، وَإِنْ كَانَ فِي دَعْوَى عَيْنٍ فَلَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا فِي يَدِهِ لِيَكُونَ قَضَاءً عَلَى الْكُلِّ، وَإِنْ كَانَ الْبَعْضُ فِي يَدِهِ نَفَذَ بِقَدْرِهِ، وَظَاهِرُ مَا فِي الْهِدَايَةِ وَالنِّهَايَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ كَوْنِهَا كُلِّهَا فِي يَدِهِ فِي دَعْوَى الدَّيْنِ أَيْضًا وَصَرَّحَ فِي الْفَتْحِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْعَيْنِ وَالدَّيْنِ، وَهُوَ الْحَقُّ، وَغَيْرُهُ سَهْوٌ، انْتَهَى.
(وَمَنْ أَوْصَى بِثُلُثِ مَالِهِ فَهُوَ) أَيْ الثُّلُثُ يَقَعُ (عَلَى كُلِّ مَالٍ لَهُ) لِأَنَّهَا أُخْتُ الْمِيرَاثِ، وَالْمِيرَاثُ يَجْرِي فِي الْكُلِّ، وَكَذَا هِيَ.
(وَلَوْ قَالَ: مَالِي أَوْ مَا أَمْلِكُ صَدَقَةٌ فَهُوَ) يَقَعُ (عَلَى مَالِ الزَّكَاةِ) كَالنَّقْدَيْنِ، وَمَالِ السَّوَائِمِ، وَأَمْوَالِ التِّجَارَاتِ، بَلَغَ النِّصَابَ أَوْ لَا، وَسَوَاءٌ كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُسْتَغْرِقٌ أَوْ لَا؛ لِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ جِنْسُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute