للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مَا يَجِبُ فِيهِ الزَّكَاةُ لَا قَدْرُهَا وَلَا شَرَائِطُهَا فَإِنْ قَضَى دَيْنَهُ لَزِمَهُ أَنْ يَتَصَدَّقَ بَعْدَهُ بِقَدْرِ هَذَا عِنْدَنَا، وَهُوَ اسْتِحْسَانٌ، وَالْقِيَاسُ اسْتِوَاؤُهُمَا وَهُوَ قَوْلُ زُفَرَ لِأَنَّ اسْمَ الْمَالِ يَتَنَاوَلُ الْكُلَّ، وَجْهُ الِاسْتِحْسَانِ أَنَّ مَا أَوْجَبَهُ الْعَبْدُ لِنَفْسِهِ مُعْتَبَرٌ بِإِيجَابِ اللَّهِ - تَعَالَى - لِعَبْدِهِ، إذْ الشَّرْعُ صَرَفَ الصَّدَقَةَ إلَى الْمَالِ الَّذِي فِيهِ الزَّكَاةُ لَا إلَى كُلِّ الْمَالِ، وَكَذَا يَنْصَرِفُ إيجَابُ الْعَبْدِ إلَيْهِ بِخِلَافِ الْوَصِيَّةِ لِأَنَّهَا تُعْتَبَرُ بِالْمِيرَاثِ فَتَجْرِي فِي جَمِيعِ الْأَمْوَالِ (وَيَدْخُلُ فِيهِ) أَيْ فِي النَّذْرِ (أَرْضُ الْعُشْرِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ) لِكَوْنِ مَصْرِفِهَا مَصَارِفَ الزَّكَاةِ (خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ) فَإِنَّهُ قَالَ لَا تَدْخُلُ أَرْضُ الْعُشْرِ لِمَا فِيهَا مِنْ مَعْنَى الْمَئُونَةِ، وَكَذَا وَجَبَ الْعُشْرُ فِي أَرْضِ الصَّبِيِّ وَالْمُكَاتَبِ وَالْأَوْقَافِ، وَضَمَّ الْإِمَامُ إلَيْهِ فِي النِّهَايَةِ وَلَا تَدْخُلُ الْخَرَاجِيَّةُ لِتَمَحُّضِهَا لِلْمَئُونَةِ (فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ) أَيْ لِهَذَا الشَّخْصِ (مَالٌ غَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ مَا دَخَلَ تَحْتَ الْإِيجَابِ (أَمْسَكَ مِنْهُ) أَيْ مِنْ ذَلِكَ الْمَالِ قَدْرَ (قُوتِهِ) أَيْ قُوتِ نَفْسِهِ وَعِيَالِهِ لِاحْتِيَاجِهِ إلَيْهِ (فَإِذَا أَصَابَ) بَعْدَ ذَلِكَ (مَالًا تَصَدَّقَ بِمِثْلِ مَا أَمْسَكَ) لِيَكُونَ مُؤَدِّيًا مَا أَوْجَبَهُ، وَلَمْ يُقَدِّرْ بِشَيْءٍ لِاخْتِلَافِ أَحْوَالِ النَّاسِ، وَقِيلَ: الْمُحْتَرِفُ يُمْسِكُ قُوتَهُ لِيَوْمٍ، وَصَاحِبُ الْغَلَّةِ لِشَهْرٍ، وَصَاحِبُ الضِّيَاعِ لِسَنَةٍ عَلَى حَسَبِ التَّفَاوُتِ فِي مُدَّةِ وُصُولِهِمْ إلَى الْمَالِ.

قَيَّدَ بِالْمَالِ وَالْمِلْكِ مِنْ غَيْرِ تَعْيِينِ شَيْءٍ لِلِاحْتِرَازِ عَمَّا إذَا قَالَ أَلْفُ دِرْهَمٍ مِنْ مَالِي صَدَقَةٌ، وَهُوَ لَا يَمْلِكُ إلَّا مِائَةً لَا يَلْزَمُهُ إلَّا بِقَدْرِ مَا يَمْلِكُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ شَيْءٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

(وَمَنْ أُوصِيَ إلَيْهِ وَلَمْ يَعْلَمْ) الْوَصِيُّ بِالْإِيصَاءِ (فَهُوَ وَصِيٌّ) حَتَّى لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ التَّرِكَةِ بَعْدَ مَوْتِ الْمُوصِي بِغَيْرِ عِلْمٍ يَجُوزُ بَيْعُهُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِلَا عِلْمِهِ (بِخِلَافِ التَّوْكِيلِ) أَيْ لَا يَصِحُّ بِدُونِ عِلْمِ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ وَلِذَا لَوْ بَاعَ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِ الْمُوَكِّلِ لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ.

وَالْفَرْقُ أَنَّ الْوَصِيَّةَ اسْتِخْلَافٌ بَعْدَ انْقِطَاعِ وِلَايَةِ الْمُوصِي فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى الْعِلْمِ كَتَصَرُّفِ الْوَارِثِ، وَأَمَّا الْوَكَالَةُ فَإِثْبَاتُ وِلَايَةِ التَّصَرُّفِ فِي مَالِهِ وَلَيْسَتْ بِاسْتِخْلَافٍ لِبَقَاءِ وِلَايَةِ الْمَنُوبِ عَنْهُ، فَلَا تَصِحُّ مِمَّنْ تَثْبُتُ لَهُ الْوِلَايَةُ (وَقُبِلَ فِي الْإِخْبَارِ بِالتَّوْكِيلِ خَبَرُ فَرْدٍ، وَإِنْ) كَانَ ذَلِكَ الْفَرْدُ (فَاسِقًا) أَيْ لَا يُشْتَرَطُ لِصِحَّةِ التَّوْكِيلِ خَبَرُ عَدْلٍ بَلْ يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْوَاحِدِ سَوَاءٌ كَانَ عَدْلًا أَوْ فَاسِقًا أَوْ عَبْدًا أَوْ صَغِيرًا مُمَيِّزًا إذْ لَيْسَ فِيهَا إلْزَامٌ كَسَائِرِ الْمُعَامَلَاتِ لِأَنَّ الْوَكِيلَ إنْ شَاءَ يَسْتَوْفِي (لَا) يُقْبَلُ (فِي الْعَزْلِ مِنْهُ) وَالظَّاهِرُ أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى التَّوْكِيلِ لَكِنْ لَا مَعْنَى لَهُ بَلْ الْأَوْلَى أَنْ يَتْرُكَ قَوْلَهُ " مِنْهُ " وَاكْتَفَى فِي الْعَزْلِ أَيْ لَا يُقْبَلُ فِي عَزْلِ الْوَكِيلِ، تَدَبَّرْ.

(إلَّا خَبَرُ عَدْلٍ) أَيْ لَا يُقْبَلُ خَبَرُ فَاسِقَيْنِ، وَفِيهِ إشْعَارٌ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ لَفْظُ الشَّهَادَةِ (أَوْ مَسْتُورَيْنِ) وَظَاهِرُ قَوْلِهِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ خَبَرُ الْفَاسِقَيْنِ وَهُوَ ضَعِيفٌ وَالصَّحِيحُ قَبُولُهُ وَثُبُوتُ هَذِهِ الْأَحْكَامِ لِأَنَّ تَأْثِيرَ خَبَرِ الْفَاسِقَيْنِ أَقْوَى مِنْ تَأْثِيرِ خَبَرِ الْعَدْلِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ قَضَى بِشَهَادَةِ وَاحِدٍ عَدْلٍ لَمْ يَنْفُذْ

<<  <  ج: ص:  >  >>