وَبِشَهَادَةِ فَاسِقَيْنِ نَفَذَ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَهَذَا عِنْدَ الْإِمَامِ (وَعِنْدَهُمَا هُوَ) أَيْ الْعَزْلُ (كَالْأَوَّلِ) أَيْ التَّوْكِيلِ فِي أَنَّهُ يُقْبَلُ فِي الْإِخْبَارِ بِالْعَزْلِ خَبَرُ فَرْدٍ، وَلَوْ كَانَ فَاسِقًا كَالْإِخْبَارِ بِالتَّوْكِيلِ وَعِنْدَ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ شُرِطَ فِي الْعَزْلِ وَالنَّصْبِ عَدْلَانِ.
(وَكَذَا الْخِلَافُ) بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبَيْهِ (فِي إخْبَارِ السَّيِّدِ بِجِنَايَةِ عَبْدِهِ) يَعْنِي لَوْ أَخْبَرَ بِهِ فَاسِقٌ لِلسَّيِّدِ بِأَنَّ عَبْدَهُ جَنَى خَطَأً فَبَاعَ أَوْ أَعْتَقَ لَا يَصِيرُ مُخْتَارًا لِلْفِدَاءِ عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَصِيرُ مُخْتَارًا (وَالشَّفِيعِ بِالْبَيْعِ) يَعْنِي: الشَّفِيعُ إذَا سَكَتَ بَعْدَمَا أَخْبَرَ فَاسِقٌ بِالْبَيْعِ لَا يَكُونُ تَارِكًا لِلشُّفْعَةِ عِنْدَهُ وَعِنْدَهُمَا يَكُونُ (وَالْبِكْرِ) الْبَالِغِ (بِالتَّزْوِيجِ) يَعْنِي إذَا أَخْبَرَ فَاسِقٌ الْبِكْرَ الْبَالِغَ بِالنِّكَاحِ فَسَكَتَتْ لَا تَصِيرُ رَاضِيَةً بِالنِّكَاحِ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا (وَمُسْلِمٍ لَمْ يُهَاجِرْ بِالشَّرَائِعِ) مُتَعَلِّقٌ بِإِخْبَارٍ مُقَدَّرٍ أَيْ مَنْ أَسْلَمَ فِي دَارِ الْحَرْبِ فَأَخْبَرَ بِالشَّرَائِعِ فَاسِقٌ لَا يُؤَاخَذُ عِنْدَهُ خِلَافًا لَهُمَا أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ مِنْ جِنْسِ الْمُعَامَلَاتِ فَلَا يَتَوَقَّفُ عَلَى أَحَدِ وَصْفَيْ الشَّهَادَةِ، وَلَهُ أَنَّ فِيهَا إلْزَامًا مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَيُشْتَرَطُ أَحَدُ شَطْرَيْ الشَّهَادَةِ.
أَمَّا الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ فَلَا يَثْبُتُ بِخَبَرِ الْمَرْأَةِ وَالْعَبْدِ وَالصَّبِيِّ، وَإِنْ وُجِدَ الْعَدَدُ أَوْ الْعَدَالَةُ هَذَا مُقَيَّدٌ بِأَنْ يَكُونَ الْمُخْبِرُ غَيْرَ الْخَصْمِ وَرَسُولِهِ فَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَالَةُ لَوْ أَخْبَرَ الشَّفِيعُ الْمُشْتَرِيَ بِنَفْسِهِ وَجَبَ الطَّلَبُ إجْمَاعًا، وَالرَّسُولُ يُعْمَلُ بِخَبَرِهِ، وَإِنْ كَانَ فَاسِقًا اتِّفَاقًا صَدَّقَهُ أَوْ كَذَّبَهُ كَمَا ذَكَرَهُ الْإِسْبِيجَابِيُّ لَكِنْ فِي الْمِنَحِ تَفْصِيلٌ، فَلْيُطَالَعْ.
(وَلَوْ بَاعَ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ عَبْدًا) لِرَجُلٍ (لِلْغُرَمَاءِ) أَيْ لِأَجْلِ دُيُونِهِمْ (وَأَخَذَ الْمَالَ) أَيْ الْقَاضِي أَوْ أَمِينُهُ الثَّمَنَ (فَضَاعَ) عِنْدَ الْقَاضِي أَوْ أَمِينِهِ (وَاسْتُحِقَّ الْعَبْدُ) وَنُزِعَ مِنْ يَدِ الْمُشْتَرِي (لَا يَضْمَنُ) الْقَاضِي وَلَا أَمِينُهُ الثَّمَنَ لِلْمُشْتَرِي لِأَنَّ الْقَاضِيَ أَوْ أَمِينَهُ بِمَنْزِلَةِ الْخَلِيفَةِ، وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ لَا يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ كَيْ لَا يَتَقَاعَدَ النَّاسُ عَنْ قَبُولِ هَذِهِ الْأَمَانَةِ فَيَلْزَمُ تَعْطِيلُ مَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ.
وَفِي الْبَحْرِ: أَنَّ أَمِينَ الْقَاضِي هُوَ مَنْ يَقُولُ لَهُ الْقَاضِي جَعَلْتُك أَمِينًا فِي بَيْعِ هَذَا الْعَبْدِ.
أَمَّا إذَا قَالَ بِعْ هَذَا الْعَبْدَ وَلَمْ يَزِدْ عَلَيْهِ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا تَلْحَقُهُ عُهْدَةٌ (وَيَرْجِعُ الْمُشْتَرِي عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّ الْبَيْعَ وَقَعَ لَهُمْ فَكَانَتْ الْعُهْدَةُ عَلَيْهِمْ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَعْلِهَا عَلَى الْعَاقِدِ كَمَا يُجْعَلُ الْعُهْدَةُ عَلَى الْمُوَكِّلِ عِنْدَ تَعَذُّرِ جَعْلِهَا عَلَى الْوَكِيلِ بِأَنْ كَانَ صَبِيًّا أَوْ عَبْدًا مَحْجُورًا عَلَيْهِ.
(وَلَوْ بَاعَهُ) أَيْ الْعَبْدَ (الْوَصِيُّ لِأَجْلِهِمْ) أَيْ لِأَجْلِ الْغُرَمَاءِ (بِأَمْرِ الْقَاضِي) لَهُ بِالْبَيْعِ وَقَبَضَ ثَمَنَهُ (ثُمَّ اُسْتُحِقَّ) الْعَبْدُ (أَوْ مَاتَ قَبْلَ قَبْضِهِ) أَيْ قَبْضِ الْمُشْتَرِي مِنْ الْوَصِيِّ (وَضَاعَ الْمَالُ) أَيْ ثَمَنُ الْعَبْدِ (رَجَعَ الْمُشْتَرِي) بِالثَّمَنِ (عَلَى الْوَصِيِّ) لِأَنَّهُ عَاقِدٌ نِيَابَةً عَنْ الْمَيِّتِ فَتَرْجِعُ الْحُقُوقُ إلَيْهِ كَمَا إذَا وَكَّلَهُ حَالَ حَيَاتِهِ، وَكَذَا الْوَصِيُّ الَّذِي نَصَّبَهُ الْقَاضِي لِأَنَّهُ نَصَّبَهُ لِيَكُونَ قَائِمًا مَقَامَ الْمَيِّتِ (وَهُوَ) أَيْ الْوَصِيُّ يَرْجِعُ (عَلَى الْغُرَمَاءِ) لِأَنَّهُ عَامِلٌ لَهُمْ وَمَنْ عَمِلَ عَمَلًا لِغَيْرِهِ وَلَحِقَهُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute