يقصر عليها، وهي أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر برجل قد غشي عليه من الصوم ثم ظلل عليه، فقال:«ما شأنه؟» قالوا: صائم، قال:«ليس من البر الصيام في السفر»، فيحمل هذا الحديث على من كان الصوم يشق عليه، أو يؤدي به إلى ترك ما هو أولى من الصوم من وجوه القُرَب.
قال ابن دقيق العيد - رحمه الله -: والمانعون في السفر يقولون: إن اللفظ عام والعبرة بعمومه لا بخصوص السبب.
قال: وينبغي أن يتنبه للفرق بين دلالة السبب، والسياق، والقرائن على تخصيص العام، وعلى مراد المتكلم، وبين مجرد ورود العام على سبب؛ فإنَّ بين العامين فرقًا واضحًا، ومن أجراهما مجرى واحد لم يصب. اهـ
قال الصنعاني - رحمه الله -: أما حديث «ليس من البر الصيام في السفر»، فإنما قاله - صلى الله عليه وسلم - فيمن شق عليه الصيام، نعم يتم الاستدلال بتحريم الصوم في السفر على من شق عليه. اهـ
٤) قول النبي - صلى الله عليه وسلم - للذين صاموا:«أولئك العصاة»، فعنه جوابان:
الأول: أنه كان قد شق عليهم، كما ورد في نفس الحديث، وقد أخرجه مسلم عن جابر - رضي الله عنه -، فيختص المنع بمن شق عليه كما تقدم في كلام الصنعاني.
الثاني: وهو المعتمد أن النبي - صلى الله عليه وسلم - أمرهم بالفطر عزيمة كما جاء في "صحيح مسلم» من حديث أبي سعيد الخدري - رحمه الله -، قال: فنزلنا منزلًا، فقال - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم مصبحو عدوكم؛ والفطر أقوى لكم؛ فافطروا»، فكانت عزمة، فأفطرنا، ثم