قالوا: فلما أفتوا بخلاف ما رووا دل ذلك على أن العمل على خلاف ما روياه.
قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: والراجح أن المعتبر ما رواه لا ما رآه؛ لاحتمال أن يخالف ذلك لاجتهاد ومستنده فيه لم يتحقق. اهـ
قلتُ: ويحتمل أيضًا أن يكون نسيَ.
وقال ابن حزم - رحمه الله -: ولعل الذي روي عن عائشة فيه الإطعام كان لم يصح حتى مات؛ فلا صوم عليه. اهـ
قلتُ: وأما استدلال الحنفية، والمالكية بقوله تعالى:{وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى}[النجم:٣٩]، فقد قال ابن حزم - رحمه الله -: أما قوله تعالى: {وَأَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسَانِ إِلَّا مَا سَعَى} فحق إلا أن الذي أنزل هذا هو الذي قال لرسول الله - صلى الله عليه وسلم -: {لِتُبَيِّنَ لِلنَّاسِ مَا نُزِّلَ إِلَيْهِمْ}[النحل: ٤٥]، وهو الذي قال:{مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ}[النساء: ٨٠]، فصح أنه ليس للإنسان إلا ما سعى وما حكم الله تعالى، أو رسوله - صلى الله عليه وسلم - أن له من سعي غيره عنه، والصوم عنه من جملة ذلك. اهـ
وأما حديث:«انقطع عمله»، فالحديث ليس فيه إلا انقطاع عمل الميت فقط، وليس فيه انقطاع عمل غيره عنه أصلًا.
وأما ما استدل به أهل القول الثاني، فقد قال الحافظ ابن حجر - رحمه الله -: وليس بينهما تعارض حتى يجمع بينهما، فحديث ابن عباس صورة مستقلة سأل عنها من وقعت له، وأما حديث عائشة فهو تقرير قاعدة عامة، وقد وقعت الإشارة في حديث