[شقاء الإنسان وانحرافه بسبب بعده وتركه لمحبة الله وعبادته]
ولهذا فإن العاصي يدخله من الشقاء أقل مما يدخل للكافر، والكافر الذي يؤمن بوجود الله ويؤمن بالأنبياء ويعظمهم لكنه مشرك في عبادة الله عز وجل يكون شقاءه أقل من الملحد، وهكذا كلما ازداد الإنسان إيغالاً في البعد عن الله كلما ازداد شقاءً وشذوذاً وانحرافاً.
ولهذا فالعالم الغربي اليوم لوحة واضحة لهذه القضية، والإنسان الذي يتأمل في حياة الغربيين اليوم يستطيع أن يستنتج منها هذه المعاني العظيمة، فقد وصلوا إلى مرحلة من الشذوذ والانحراف والبعد عن الله عز وجل وخلو القلب من التدين لله سبحانه وتعالى، وما ظهر في نظرياتهم الفكرية في العلوم الإنسانية والاجتماعية، وما ظهر في سلوكهم العملي.
وقد سمعت أن رجلاً يحاكم في ألمانيا بتهمة أكل لحوم البشر، وأن هذا الرجل كتب في الإنترنت: أي شخص عنده استعداد أن يؤكل فليراسلني، وبعد أسابيع اتصل به شخص وقال: أنا عندي استعداد لأن أؤكل، يعني: يكون طعاماً يؤكل، والاثنان كانا شاذين، فجاء إليه واقتاده إلى منزله، وارتبط هذا الشذوذ بالشذوذ الجنسي والعياذ بالله، فقام الآكل بقطع ذكر المأكول وشوهه ثم قتله وسجل هذا في الفيديو لمدة ساعة، ووزع لحمه على مجموعة أكياس ووضعها في الثلاجة، وفي كل فترة يأكل جزءاً منها، فأعجبه هذا الأمر فوضع أيضاً إعلاناً آخر في الإنترنت في خمسة مواقع أو ستة مواقع وجاءه خمسة أشخاص.
فهذه القصة غريبة حتى على المجتمع الغربي، وتدل على أن الإنسان كلما ازداد بعداً عن الله عز وجل ازداد شذوذاً.
ولهذا فإن عبادة الشيطان التي ظهرت أول ما ظهرت عند الغربيين ثم انتقلت مع الأسف إلى بلاد المسلمين، وأصبح بعض أبناء المسلمين الذين درسوا شيئاً من القرآن يعبدون الشيطان، ويتعبدون بطريقة مخزية وغريبة وشاذة فيشربون دماء الكلاب، ويؤدون طقوساً روحانية كما يسمونها، ويفعلون الفواحش بطرق شاذة ومنحرفة، والشاهد: أنه كلما ابتعد الإنسان عن الله عز وجل كلما ضل وانحرف وشعر بالشقاء والتعاسة.
إذاً: هذه القاعدة تثبتها الدلائل الشرعية ودلائل الطبيعة الإنسانية، والشواهد الموجودة في الواقع.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وهذا لا يحصل إلا بإعانة الله له، فإنه لا يقدر على تحصيل ذلك السرور والسكون إلا بالله، فهو دائماً مفتقر إلى حقيقة:{إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَإِيَّاكَ نَسْتَعِينُ}[الفاتحة:٥]، فإنه لو أعين على حصول كل ما يحبه ويطلبه ويشتهيه ويريده، ولم يحصل له عبادة الله فلن يحصل إلا على الألم والحسرة والعذاب، ولن يخلص من آلام الدنيا ونكد عيشها إلا بإخلاص الحب لله؛ بحيث يكون هو غاية مراده، ونهاية مقصوده، وهو المحبوب له بالقصد الأول].