[البرمجة اللغوية العصبية ومشابهتها لعقيدة وحدة الوجود]
الحقيقة أن هؤلاء يبنون هذه الآراء على فلسفة وهي: أن الإنسان فيه قدرة كامنة قادرة على أن توصله لكل المعارف ولكل الحقائق، وأن هذه القدرة هي الله.
ولهذا فإن هذه الفلسفة فلسفة خبيثة، وهي مبنية بناءً فكرياً دقيقاً أساسه: أن الله هي القدرة الموجودة في هذه الأجساد جميعاً، هذه الأجساد وهذه الكائنات كلها تمتلك قدرة، هذه القدرة نافذة وقادرة ومؤثرة وحقيقة الإله عندهم القادر المؤثر.
وبناءً على هذا، فهؤلاء كلهم يوجد فيهم العنصر الإلهي القادر المؤثر، ولهذا دفعهم هذا إلى القول بأن الإنسان إذا كان عنده الرياضة والممارسة والقوة النفسية والبدنية يمكن أن يصل إلى النبوة.
ولهذا بدأت الآن تنتشر في الأوساط، ومع الأسف أن كثيراً من الإسلاميين والدعاة يتبنون مثل هذه الأمور، وهي خطيرة، فهذه الدورات التي تسمى البرمجة اللغوية العصبية، وغيرها من هذه الدورات، لها جوانب وأهداف سلبية وسيئة جداً.
- منها: أن الإنسان يمكن أن يمشي على الجمر دون أن يتأثر.
- ومنها: أنه يمكن له أن يطير في السماء.
- ومنها ما يسمونه بالتخاطب عن بعد.
وهو: أن يكون الإنسان مثلاً في جدة، والآخر في الدمام، ويمكن له أن يوجّه أسئلة نفسية وإرادية ويستقبلها ذاك ويجيب عليها وتكون هذه الإجابات وهذه الأسئلة حقيقة مائة بالمائة.
ولا شك أن هذا نوع من الكهانة والشعوذة، وهي مبنية في الحقيقة على فكرة فلسفية إلحادية.
طبعاً أنا لا أقول بأن كل دورات البرمجة اللغوية العصبية كذلك!.
هذه الدورات لها قسمان: قسم فلسفي: مثل الكلام الذي يقولونه حول موضوع التخاطب عن بعد، وحول التأثير، وقدرة الإنسان، وصاحبها إلى الآن موجود وحي، وكثير من الناس يأخذ عليه دورات، حتى يكون إسناده عالياً.
سئل: هل يمكن للإنسان بتعامله الذاتي وقدرته الذاتية أن يصل إلى النبوة؟ فقال: يمكن أن يصل إلى النبوة بهذا.
وهذه فكرة أصلاً فلسفية مشهورة وهي: أن الإنسان بذاته وقدرته الذاتية يمكن أن يصل إلى النبوة، بل يفسرون المعجزات بهذه الطريقة، ويقولون: المعجزات -كانفلاق البحر لموسى- حقيقتها قوة إرادية عند موسى، فموسى ليس رجلاً طبيعياً كغيره من الناس! بل هناك قوة إرادية عنده أراد أن ينقذ قومه فنظر إلى البحر فانفلق هذا البحر! وهكذا يفسرون التأثير مثلاً في القمر، وأن هذه قوة من النفس جعلت القمر ينفلق نصفين! طبعاً ليس كل من يتعلم هذه الدورات يقول هذا الكلام، وليس كل قواعد البرمجة اللغوية والعصبية كذلك، هناك قواعد قد يكون فيها فائدة فيما يتعلق بالاهتمام بالذات والعناية بها، وتنمية قدرات الإنسان الداخلية، وقد تكون هذه القواعد قواعد صحيحة وإنسانية ومعروفة، وهي تتعامل مع النفس البشرية تعاملاً صحيحاً؛ لكن يوجد في مثل هذه العلوم -وهي: البرمجة اللغوية والعصبية- جوانب وقواعد فلسفية لا أشك في كونها إلحاداً، وبعضها من جنس السحر والشعوذة؛ ولهذا يحكون أموراً غير طبيعية، مثل: طيران الإنسان في الهواء! وأن الإنسان قادر على هذا إذا نجح مع نفسه! ولهذا فإنهم يفسرون أي حالة، مثلاً: شخص لا يقدر أن يمشي على النار، قالوا: هذا إخفاق في نفسك، لكن يمكن للإنسان أن يكون عنده جمر مبسوط يمشي عليه، ولا يشعر بالألم، قد تتمزق رجله! لكن لا يشعر بالألم! وهذه من جنس التصرفات ومخاريق الرفاعية الذين كانوا يأتون إلى ابن تيمية رحمه الله ويقولون: نحن ندخل في النار ولا نتأثر.
فطلب منهم أن يغتسلوا وإذا اغتسلوا فإنه يدخل معهم في النار.
وهذا تهديد لهم، لأنهم كانوا يطلون أنفسهم بزيت يمنع احتراق أجسادهم بالنسبة للنار فهذه الفلسفات كثير من الأحيان مبناها واحد، وفكرتها واحدة يعبر عنها إنسان بطريقة ويأخذ منها مقالة، ويعبر عنها إنسان بطريقة أخرى، ويعبر عنها إنسان بطريقة ثالثة.
لكن مما أحب أن أؤكد عليه هو: أنه ليس كل من يتعامل مع البرمجة اللغوية العصبية، أو يدرب عليها، أو يتدرب فيها أنه يقول بهذه الأفكار، لكن يوجد في أصل الفكرة، ويوجد من الناس من يؤمن بهذا، وبالذات موضوع التخاطب عن بعد، وموضوع الطيران في الهواء، والسير على النار، وما إلى ذلك من المخاريق التي يقولون بها عندما ينجح الإنسان مع نفسه وإرادته.