هذا الكتاب شجىً في حلوق أهل البدع، ولهذا سماه الرازي في تفسيره عندما فسر قول الله سبحانه وتعالى:{لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ وَهُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ}[الشورى:١١]، سماه كتاب الشرك، وفيه يقول: ليس كتاب التوحيد، بل هذا كتاب الشرك، والعياذ بالله، والسبب في هذا أن الرازي على خلاف عقيدة السلف في الصفات وفي الإيمان وفي مسائل كثيرة، فهو عندما يقرأ إثبات الصفات يعتقد أن إثبات الصفات يلزم منه تعدد الآلهة مع الله تعالى، وهذا لا يلزم، فلا يلزم منه إثبات تعدد الآلهة كما يزعم هؤلاء المبتدعة الضالون.
ولهذا قلده -أيضاً- جهمي في العصر الحاضر، وقد توفي وهلك عام ألف وثلاثمائة وسبعين تقريباً، وهو محمد زاهد الكوثري، فإنه في تعليقه على كتاب الأسماء والصفات للبيهقي ذكر كتاب ابن خزيمة هذا ونقده نقداً شنيعاً، وتكلم عليه كلاماً قبيحاً وسماه: كتاب الشرك، والعياذ بالله.
ولا شك في أن هذا الكتاب من كتب أئمة السلف، وابن خزيمة إمام مشهور، تلقى عنه العلم البخاري ومسلم، ورويا له في غير الصحيح أحاديث متعددة، ومن تلاميذه ابن حبان البستي، وغيرهم من الأئمة المشهورين في ذلك الزمن.
وهذا الكتاب فيه عناية تفصيلية بإثبات الصفات، ولهذا جاء أحد الأشاعرة - وهو أبو بكر بن فورك - فتتبع هذا الكتاب، وأخذ الصفات المذكورة في هذا الكتاب وقام بتأويلها صفة صفة، وزعم أنها ليست على ظاهرها.
وسمى كتابه:(بيان مشكل الحديث) ثم رد عليه بعد ذلك إمام من أئمة الحنابلة، وهو أبو يعلى رحمه الله تعالى بكتاب سماه:(إبطال التأويلات) فأخذ تأويلات ابن فورك، ورد عليها تأويلاً تأويلاً، وبين خطأه وضلال المذهب الذي اتبعه في ذلك.