للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

[الغزالي وكتابه الإحياء]

السؤال

هل أبو حامد الغزالي يعتبر من أئمة الصوفية؟ وما رأيك في كتاب (إحياء علوم الدين)؟

الجواب

أبو حامد الغزالي لاشك في أنه من أئمة الصوفية, أبو حامد الغزالي كان متقلباً، فقد مرت عليه فترة كان فيها على مذهب الباطنية, ثم ألف كتاباً فضحهم فيه, ومرت عليه فترة كان فيها على طريقة أهل الكلام.

فله مراحل متعددة، ومن مراحله أنه اشتغل بالتصوف زمناً، وألف كتاب (معارج القدس في أحوال النفس) , وله أيضاً كتب أخرى منها (إحياء علوم الدين).

فهو على طريقة الصوفية, ولم يؤلف كتاباً ينقص كلامه السابق, وإن كان هو في نفسه قد تاب في آخر حياته, فقد ذكر عبد الغفور في كتابه (سياق تاريخ نيسابور) أن أبا حامد الغزالي توفي وصحيح البخاري على صدره, يعني: أنه رجع إلى السنة، لكنه بعد رجوعه لم يؤلف كتاباً ينكر فيه ما سبق أن ذكره في كتبه السابقة.

وأما (إحياء علوم الدين) فهو كتاب من أجل كتب التربية, لكن فيه آفتان: الآفة الأولى: كثرة الأحاديث الضعيفة والموضوعة في هذا الكتاب.

والآفة الثانية: ما خالطه من شوائب التصوف, وبعض شوائب الكلام.

فإذا كان الإنسان بصيراً وعنده القدرة على أن ينتقي ويستفيد فهو من أفضل الكتب, وإذا كان الإنسان ليس عنده قدرة على أن يستنبط وأن يأخذ وأن يميز بين الصحيح والباطل, فإنه لا يقرأ هذا الكتاب, وإنما يقرأ مختصره، وهو (مختصر منهاج القاصدين) لـ ابن قدامة رحمه الله, فقد اختصر (إحياء علوم الدين) ابن الجوزي في كتاب سماه (منهاج القاصدين) , ثم اختصره ابن قدامة المقدسي في كتاب (مختصر منهاج القاصدين).

والعجيب أن هذا الكتاب مع أنه كان له دور في نهضة المسلمين في الفترة التي عاش فيها أبو حامد الغزالي إلا أنه لا يوجد فيه باب من أبواب الجهاد.

فلا يوجد فيه باب في الكلام عن الجهاد في سبيل الله وفضل المجاهدين, وحث المسلمين على الجهاد, مع أنه ألف في فترة عصيبة كانت فيها أغلب بلاد الشام تحت وطأة الصليبيين.

وهذا يدلك على أن الصوفية ما كانوا يشجعون الناس على الجهاد في سبيل الله, بل في بلاد الجمهوريات الإسلامية عندما دخل الشيوعيون كانوا ربما قتلوا بعض الصوفية وهو يصيح على قبر أوليائهم فيقول: يا نقشبندي! أغثني.

ولو أنه أخذ سيفاً لاستطاع أن يتخلص من هؤلاء الفجرة الجبناء، لكن الدين الذي ابتدعوه والمنهج الذي اتخذوه أوصلهم إلى هذه النتيجة المأساوية.

<<  <  ج: ص:  >  >>