هنالك بعض الصحفيين أو المثقفين الذين تكلموا بكلام خطير على أساس الدين، فما حكم ذلك؟!
الجواب
لا شك أن الكلام المناقض لأساس الدين كفر مخرج عن دائرة الإسلام، فمن استهزأ بالله، أو بالملائكة أو بالأنبياء، أو قال: الله والشيطان وجهان لعملة واحدة! أو قال أشياء من هذا القبيل، فهذا كفر مخرج عن دائرة الإسلام بدون أي شك؛ لأن اليهود والنصارى ربما يستحيون من أن يقولوا مثل هذا الكلام.
وأما اعتذار الآخرين بأن مثل هذا الكلام يقال في رواية، أو على شخص وهمي موجود في الخيال، فهذا ينقضه أن أصحاب هذه الروايات يصرحون بأنهم هم الذين يتبنون مثل هذه العقائد.
ومع الأسف فإن في البلاد الإسلامية اليوم الكثير من الأشخاص الذين يتبنون المناهج الغربية، فقد وجد ماركسيون يتبعون ماركس، وعلمانيون اتخذوا العلمانية منهجاً، ويرون ضرورة الفصل بين الدين والحياة، ويوجد أيضاً أشخاص حداثيون يتكلمون في الأدب، ويوجد الأشخاص الذين يعتبرون الإبداع هو الهجوم على المقدسات، ولا تكون مبدعاً إلا إذا أتيت بالغرائب، وبالهجوم على المقدسات وعلى الله، فمثلاً: الرجل الذي قال: كان الله رماداً وهكذا، ثم إذا أحد ناقشه وقال: كيف تقول: كان الله رماداً؟!! هذا كفر، قال: يا أخي! أنت تفهم خطأ، أنا ما أقصد بـ (الله) الذات الإلهية، أنا أقصد بكلمة (الله) رمزاً للطهر والعفاف والصلاح.
فهل الله رماد؟ وهل الصلاح أصبح رماداً غير موجود؟ وهذا أشبه ما يكون بالتأويلات الباطنية، فهم يفسرون قول الله عز وجل:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}[البقرة:٦٧]، فقالوا: المقصود بالبقرة: عائشة، فهذا أمر من الله عز وجل أن يذبحوا عائشة رضي الله عنها، لكن هذا أمر لم ينفذ، فهؤلاء لا شك أنهم كفار، وهذا العذر ليس عذراً مقنعاً؛ لأنه لو جاء أحد وسبه مباشرة، فقال: يا أخي! لماذا تسبني؟ قال: أنا لا أسبك، أنا أسب الرمز الذي هو اسمك، فهذا لا يقبل أصلاً وعقلاً، وإلا لو كان هذا الكلام مقبولاً، فكل الخطابات تصبح رمزية العبودية، ومعناها: الحرية، وأي إنسان يستطيع التعامل بالأسلوب فهذا ليس له قواعد، وليس له شيء منضبط، فهؤلاء هم الزنادقة.
والزنادقة قديماً كانت تعرف زندقتهم من خلال الكلام الذي يتكلمون به، والواجب هو جهاد هؤلاء، بالرد عليهم ومناصحتهم وشكواهم إلا ولاة الأمر، والاتصال بالمحاكم، والواجب تجاه الذي يعترض على قاعدة من قواعد الدين وهي الولاء والبراء: أن ننصحه ونذكره بالله، أو أن نتصل بأهل العلم، ونرفع عليه قضية إلى المحكمة، ونطالب بتطبيق الحد الشرعي عليه، أو أن يتوب عن هذا الكلام الذي تكلم به، بشرط: أن يكون الكلام واضحاً وصريحاً في الموضوع.
ويجب علينا أن نتصل أو نكتب إلى ولاة الأمر، للأخذ على يد هذا السفيه، فهذا هو التعامل الصحيح مع مثل هذه الحالات، والله عز وجل يقول:{يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الْكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ}[التحريم:٩]، وجهاد الكفار يكون بقتالهم في معارك مفتوحة معهم، ويكون في قدرة المسلمين أن يقاتلوا الكفار.
والحالة الثانية: جهاد المنافقين بالدعوة وبالإصلاح، وبكشف أباطيلهم وعقائدهم الضالة، وبالاحتساب عليهم عند ولاة الأمر وشكواهم في ذلك، هذا هو الصحيح في التعامل مع هذه القضية، وما يدور الآن في الإنترنت من كثرة الاغتيالات أو غيرها، فهذه كلها أفكار غلو مخالفة للمنهج الصحيح في الدعوة إلى الله سبحانه وتعالى؛ لأنه بهذه الطريقة سيضيع الحق مع الباطل، وبهذه الطريقة يكون هناك افتئات على القضايا العامة، والسياسات العامة التي تكون من سلطات ولي الأمر مما لا يصح للإنسان أن يقوم بها بنفسه، فلو أن إنساناً رأى زانياً فقام بجلده، فهذا غير صحيح، ولو رأى سارقاً فقطع يده، أو مرتداً فقتله، فهذه كلها يسميها العلماء في كتب الفقه (الافتئات على ولي الأمر) أي: دخول الأفراد العاديين في مسئوليات تتعلق بهيئات موجهة من ولاة الأمر في هذا الموضوع، وكأنه نصب نفسه قاضياً ثم منفذاً، ولو كانت القضية بهذا الأسلوب لما كان هناك قضاء جهة تنفيذ، ولاختلط الحابل بالنابل، فأي شخص يتهم شخصاً ثم يقوم بتنفيذ الحكم عليه باجتهاده فقد ضيع الحقوق بهذه الطريقة وبهذا الأسلوب، بل إن العلماء يقولون: لو أن شخصاً قتل أخاك فقتلته، فإن القاضي يحكم في هذه المسألة بألا تقتل، باعتبار أنك أخذت بدم أخيك، لكن يصح لولي الأمر أن يعاقبك بهذه المسألة باعتبار أنك افتأت على ولي الأمر وأقمت الحد عليه دون إذن منه، وهذا الذي يسمونه الآن في الاصطلاح بـ (الحق العام)، فيقسمون الحقوق إلى قسمين: حق عام، وحق خاص، والحق الخاص: هو المتعلق بك، والحق العام: يكون المسئول عليه الدولة وولاة الأمر، فلا يصح للإنسان أن يقوم بتقمص شخصية قاضٍ فيحكم، أو بتقمص شخصية ولي الأمر فيأمر وينهي في هذا الباب ويقوم بتنفيذ الحدود؛ لما يترتب على هذا من الفتنة الكبيرة والخطيرة، ولما يترتب ع