لا شك أن من يتبع هواه يقدمه على النصوص الشرعية، كما هو حال الصوفية فيما ذكرنا، وكما هو حال المتكلمين فيما أسلفنا، وكذلك الباطنية عندما يقولون في قوله سبحانه وتعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}[البقرة:٦٧]، قالوا: هي عائشة! فهذا اتباع للهوى.
والقضية عندهم قبل أن ينظروا إلى الآية هي أنهم كرهوا عائشة رضي الله عنها لسبب أو لآخر، لأنه ثبت أن أصل دينهم مأخوذ من اليهود عن طريق عبد الله بن سبأ الذي أراد أن يعمل في الإسلام ما عمله بولس شاول في المسيحية والنصرانية، لكنه ما استطاع، فأتى بعقائد بدعية شركية, وهذه العقائد التي جاء بها عبد الله بن سبأ اليهودي الذي تظاهر بالإسلام هي نفسها العقائد التي يدندن حولها الباطنية اليوم، وهي نفسها العقائد التي يدندن حولها الرافضة في هذا الزمان.
إذاً: القضية هي أنهم كرهوا عائشة رضي الله عنها لأي سبب من الأسباب، فلما كرهوا عائشة بدءوا يتلمسون النصوص الشرعية ويلعبون بها، كما يلعب الأطفال بالكرة والعياذ بالله، فقوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تَذْبَحُوا بَقَرَةً}[البقرة:٦٧]، هذه قصة واضحة في بني إسرائيل في زمن موسى عليه السلام، حيث يبين لقومه أن الله أمرهم أن يذبحوا بقرة، والبقر معروف، فقالوا: المقصود بها عائشة.
فكيف يذبح بنو إسرائيل الذين في زمن موسى عائشة وهي لم تولد بعد؟! فالمهم عندهم هو اللعب بالنصوص، وليس المهم هو القناعة، وهذه هي طريقة أهل البدع، سواء أكانوا من الغلاة الزنادقة الذين يخرجون عن الإسلام، أم من أهل البدع الذين شأنهم أقل بحيث إنهم ما زالوا في دائرة الإسلام ولم يخرجوا عن الإسلام، مثل الأشاعرة فيما يؤولونه مثلاً.