وأهمية هذا الكتاب تبرز من عدة جهات: أولاً: أنه من أول الكتب التي صنفت في هذا الموضوع، وكتاب مثله الإيمان لـ ابن أبي شيبة، فإنه لم يصنف في موضوع الإيمان -فيما أعلم- قبل هذين الكتابين كتاب مستقل في موضوع الإيمان، وإنما كان يكتب في ذلك في العقائد العامة، هذا أولاً.
ثانياً: أنه متقدم، فقد ولد مؤلفه -كما قلت- في منتصف القرن الثاني، وهو من أقران الإمام أحمد رحمه الله، وهو عالم متميز، يتميز -كما قلت- بفهمه للغة، لا سيما أن أهل الإرجاء يعتمدون على اللغة كثيراً، فإن أكبر قضية اعتمد عليها الباقلاني في كتابه (الإنصاف) في تقرير أن الإيمان هو مجرد التصديق هي اللغة، فإنه يقول: إن الإيمان في لغة العرب هو مجرد التصديق.
واستدل على ذلك بقوله تعالى:{وَمَا أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنَا}[يوسف:١٧]، وأن الإنسان إذا سئل: هل أنت تؤمن باليوم الآخر؟ فإنه يقول: نعم.
وإنما يفهم من قولك:(تؤمن باليوم الآخر) معنى: (تصدق) فقط.
وهذا الإمام بين أن الإيمان مع كونه في اللغة يدل على التصديق، بين كذلك أنه في الاصطلاح الشرعي زيد على مفهوم التصديق العمل.
والقرآن نزل بلسان العرب، وفي بعض الاصطلاحات الشرعية زيد على المعنى اللغوي معنى إضافي شرعي، وهذا المعنى الإضافي الشرعي يعرف من خلال النصوص الشرعية ومن خلال كلام النبي صلى الله عليه وسلم.