بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله، نحمده ونستعينه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهد الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا وقدوتنا محمداً عبد الله ورسوله، وصفوته من خلقه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح لهذه الأمة حتى أتاه اليقين من ربه.
أما بعد: فقبل أن نبدأ في الكلام على ما ذكره شيخ الإسلام ابن تيمية في هذا الكتاب أحب أن ألخِّص ما سبق أن قرأناه من هذا الكتاب.
فقد بدأ شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله بتعريف العبادة، وذكر أمثلتها ومنزلتها ومكانتها، ثم بعد أن عرّف العبادة وذكر منزلتها ومكانتها وأنها تشمل الدين بأكمله، ذكر تعريفها الشرعي، وبعد أن ذكر تعريفها الشرعي ومعناه قسّم العبودية إلى قسمين: الأول: العبودية الاضطرارية: وهذه العبودية الاضطرارية هي بمعنى ربوبية الله سبحانه وتعالى وخلقه وأمره سبحانه وتعالى.
الثاني: العبودية الاختيارية وهي بمعنى: إلاهية الله سبحانه وتعالى وعبادته بإرادة العبد واختياره ورغبته.
ثم ذكر شيخ الإسلام رحمه الله أن العبودية الأولى يقر بها المشركون ويعترفون بها، ويثبتون أن الله عز وجل خالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم ومدبر جميع شئونهم، وقال في أثناء ذلك: إن إثبات هذه العبودية وحدها لا يكفي في الإسلام، بل لا بد من أن ينضاف إلى إثبات العبودية الاضطرارية عبودية الاختيار، وهي أن يعبد المرء الله سبحانه وتعالى بقلبه ولسانه وجوارحه.
ثم بعد ذلك ذكر شيخ الإسلام رحمه الله طائفة وهم أهل التصوف، ووصفهم بأنهم الذين يشهدون الحقيقة الكونية، والحقيقة الكونية هي العبودية الجبرية أو العبودية الاضطرارية، فهؤلاء شهدوا هذه الحقيقة وعظّموها، وجعلوا مدار الدين عليها، وترتب على شهودهم هذا زلات وأخطاء كثيرة.
ثم بعد ذلك بدأ شيخ الإسلام رحمه الله تعالى يتحدث عن أصناف هؤلاء وأنواعهم، ويرد على كل نوع من هذه الأنواع.