قال المصنف رحمه الله تعالى:[مثال ذلك: اسم الفناء].
وبدأ بالمثال على قضية الفرق بين الحقيقة والشريعة فإن الشريعة -كما هو معلوم- ما أمر الله سبحانه وتعالى به، وما نهى عنه، والالتزام بالشريعة، فجاء الصوفيون وقالوا: إن هناك قدراً زائداً وقضية أهم وهي الالتزام بالحقيقة، والحقيقة المقصود بها عندهم هي: التعبد بطريقة معينة للوصول إلى نتائج محددة ومعينة، مخالفة للأحكام الشرعية الظاهرة، ولهذا يقولون: إذا تعارضت الحقيقة والشريعة فإننا نقدم الحقيقة؛ لأن الحقيقة يقينية والشريعة نقلت بالظن.
وهذا فهم فاسد لأحكام الله سبحانه وتعالى، فإن الأنبياء بعثهم الله عز وجل بأوامر وأرسلهم إلى الناس، وطالب الأنبياء بأن يشرحوا هذه الأوامر للناس، وقام الأنبياء بذلك، فما أتى به الصوفيون من كون الإنسان يمكن له أن يترك الشريعة لوجود الحقيقة، أو يترك الأحكام، أو تلغى ظواهر النصوص الشرعية من أجل الحقيقة فاسد وباطل، وإلغاء للشريعة، وكما قال ابن الجوزي في (تلبيس إبليس): حقيقته طي لبساط الشريعة، وهذا يشبه قول الباطنية: بأن النصوص لها ظاهر وباطن، ثم يفسرون الباطن بالطريقة التي يرونها.