[من أدلة الصوفية في ذكرهم بالاسم المضمر: (وما يعلم تأويله إلا الله) والرد عليهم]
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وزعم بعضهم أن قوله: {وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ إِلَّا اللَّهُ} [آل عمران:٧]، معناه: وما يعلم تأويل هذا الاسم الذي هو (الهو).
وإن كان هذا مما اتفق المسلمون بل العقلاء على أنه من أبين الباطل, فقد يظن ذلك من يظنه من هؤلاء, حتى قلت مرة لبعض من قال شيئاً من ذلك: لو كان هذا كما قلته لكُتبت الآية: وما يعلم تأويل (هو) منفصلة].
انظروا إلى العبث بكتاب الله, جاء إلى الآية ((وَمَا يَعْلَمُ تَأْوِيلَهُ)) الكلمة (تأويله) مكتملة.
ففصل بين كلمة (تأويل) والضمير المتصل بها وقرأها: وما يعلم تأويل هو إلا الله، يعني: ما يعلم تأويل تفسير كلمة (هو) إلا الله, مع أن المكتوب في القرآن ((تَأْوِيلَهُ)) متصلة, ولو كان المقصود كما زعمه لكانت الآية هكذا: وما يعلم تأويل هو إلا الله, لكنه كاذب.
هذا مثل رجل ادعى النبوة, وسمى نفسه (لا) فلما قيل له: لماذا سميت نفسك (لا)؟ قال: لأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: (لا نبي بعدي) هكذا فسرها.
الحديث: (لا نبي بعدي) (لا) نافية للجنس, و (نبي) اسمها منصوب.
فهذا جاء وقال: (لا نبي بعدي) يعني: كأن النبي صلى الله عليه وسلم يقول: سيأتي نبي بعدي اسمه (لا) فاتبعوه.
فبعض الناس يتلاعب بكتاب الله عز وجل وبكلام النبي صلى الله عليه وسلم.
كذلك رجل اسمه (بيان) ادعى النبوة, وقال: نبوتي مكتوبة في كتاب الله, يقول الله عز وجل: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} [آل عمران:١٣٨].
فالله عز وجل يتكلم عن القرآن بقوله: {هَذَا بَيَانٌ لِلنَّاسِ} [آل عمران:١٣٨] وهذا يقول: (هذا بيان) يعني: أنا بيان للناس، يعني: رسول.
فهؤلاء ويتلاعبون بالقرآن وبالسنة بهذه الطريقة, وهذا من العبث, لكن تصوروا أن هذا العبث قد يؤمن به أشخاص كثيرون مع الأسف من الجهال, ومع الأسف أن هذه الأمة تراجعت كثيراً عن دينها الصحيح, إلى درجة أنه يمكن لأي كاهن أو كاذب أو دجال أو محتال أن يتلاعب بها ويضحك بها.
ولهذا تروج بضاعة الذين يتكلمون عن المغيبات كثيراً عند هذه الأمة, سواء على مستوى السحرة أو الكهنة, أو على مستوى أصحاب المذاهب المعاصرة الذين يزينون للناس الباطل، ويزعمون أن هذا هو رمز الحضارة, وأن هذا هو رمز التقدم, وأنه من ترك مثل هذا فهو رجعي متخلف، يريد أن نعيش في السنين المتأخرة, وأنه لا يمكن لنا أن نتقدم في بلادنا حتى يكون عندنا طابور من النساء الراقصات, وطابور من النساء الممثلات, وطابور من الشباب الذين يشبهون مايكل جاكسون وهكذا نخرج طوابير من السفهة والحمقى والمغفلين والمغنين, ثم بعد ذلك أعلى أكتاف هؤلاء وغيرهم سنصنع الطائرات، وسنصنع القنابل النووية, وسنصنع كل ما تحتاجه الإنسانية؟!! فانظروا العبث في التفكير, لكن مع هذا يوجد من يصدقهم من الناس.
كما قال الأول: لكل ساقطة في الحي لاقطة وكل كاسدة يوماً لها سوق.
يعني: لا تتصور أن الأشياء الكاسدة والساقطة لا سوق لها, لها سوق وهناك أناس كثيرون يقبلون مثل هذه السواقط.
فتخيلوا إذا كانت الأمور الساقطة الحقيرة الواضحة البطلان لها من يقبلها, فكيف بعد هذا نقول: إنه يجوز للإنسان أن يتكلم برأيه حتى ولو كان ملحداً باسم حرية الرأي؟! بعض الناس اليوم ينادي بحرية الرأي, ويطالب أن تكون حرية الرأي مفتوحة بدون ضوابط شرعية, أو إذا وضعوا الضوابط الشرعية تصبح كليشة مثل الكليشات المعهودة, يعني: أن أي شيء يفعلونه يكون وفق الشريعة الإسلامية حتى لو كان مناقضاً لها من أساسها.
فأقول: من الأمور الأساسية التي ينبغي أن ندركها أن حفظ أديان الخلق مقصد من المقاصد الشرعية، يجب على العلماء أن يحققوا هذا المقصد برد الباطل, ويجب على ولاة الأمر أن يحققوا هذا المقصد بمنع كل من يقدح في دين الله عز وجل في الصحافة أو في غيرها.
ويجب على عموم المسلمين أن يحتسبوا على أهل المنكرات، حتى لا يضيعوا على الخلق أديانهم, وإضاعة الخلق والدين أحياناً يكون بالإفساد العقدي, وأحياناً يكون بالإفساد السلوكي والأخلاقي.
فتضييع الدين يكون بنشر الإلحاد مثلاً في الناس, أو المذاهب الفكرية المنحرفة, أو العقائد الفاسدة، مثل: عقائد الرافضة، أو عقائد الصوفية, أو غيرها من العقائد المنحرفة.
وتضييع الدين أيضاً يكون عن طريق الأخلاق، بفتح مجال الفساد والانحراف في كل مكان, فإذا فتح مكان من الأمكنة الجديدة تجد أن مجال الفساد فيها واسع وكبير.
فهذا رجل يحسن الغناء تراه يجمع مجموعة من الشباب ويدربهم على الغناء معه، ويضعون لهذه المجموعة اسماً من الأسماء.
وهذا شخص ينظم معرضاً من المعارض فيأتي بنساء ليبعن فيه، حتى يصبح هناك اختلاط، وهذا فساد في الأخلاق، وتأثير على أديان الناس؛ ولهذا مثل هذه الصور يجب أن تمنع، وأن يحتسب عليها.