يقول: فهو سبحانه رب العالمين وخالقهم ورازقهم ومحييهم ومميتهم، ومقلب قلوبهم، ومصرف أمورهم، لا رب لهم غيره، ولا مالك لهم سواه، ولا خالق إلا هو، سواءٌ اعترفوا بذلك أو أنكروا.
يعني: هم عابدون لله عز وجل، وعبوديتهم هذه عبودية لازمة لهم، حتى ولو أنكروا، فعندما ظهر الشيوعيون وقالوا:(لا إله والحياة مادة)، وعندما ظهر فرعون وقال:{يَا أَيُّهَا الْمَلَأُ مَا عَلِمْتُ لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرِي}[القصص:٣٨].
وقال:{أَنَا رَبُّكُمُ الأَعْلَى}[النازعات:٢٤] فهل معنى هذا أنهم خرجوا عن ملك الله وتدبيره؟ لا، فهو خاضع لله عز وجل، سواء اعترف أو لم يعترف، ولهذا لا يمكن أبداً أن يخرج عن هذه الأرض الصغيرة التي يعيش فيها إلى أي كوكب آخر، فما بالك بكونه يستطيع أن يدير هذا الكون الواسع الكبير؟! فهو عابد لله عبادة اضطرارية شاء أم أبى، فإذا اعترف فإنه يحصل له جزء من الإيمان، لكن هذا الجزء لا يدخله في الإسلام حتى يأتي بالعبادة الاختيارية.
يقول: لكن أهل الإيمان منهم عرفوا ذلك واعترفوا به، ولهذا يقول الله عز وجل:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف:١٠٦].
ويستغرب الإنسان في بعض الأحيان فيقول: كيف يثبت لهم الإيمان ثم ينسبهم إلى الشرك؟
و
الجواب
يثبت لهم الإيمان في البداية فيقول:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللَّهِ إِلَّا وَهُمْ مُشْرِكُونَ}[يوسف:١٠٦].
ولهذا جاء عن بعض السلف أنه سمى الإقرار بالربوبية فقط دون الإلهية إيمان المشركين، وذلك (أن الإقرار بالربوبية، والإقرار بالعبودية الاضطرارية من الإيمان، لكن ليس هو كل الإيمان، وليس الإيمان الذي ينجي الإنسان يوم القيامة، وليس الإيمان الذي يدخل الإنسان الجنة، ويجعله يخرج من دائرة الكفر إلى دائرة الإسلام، فلا يدخله هذا النوع في الإسلام، بل لابد من الإتيان بالعبودية الاختيارية التي سيأتي الكلام عنها.
يقول: بخلاف من كان جاهلاً بذلك، أو جاحداً له مستكبراً على ربه لا يقر ولا يخضع له مع علمه بأن الله ربه وخالقه.