سبق أن أشرنا إلى أن هذا الدرس سنتحدث فيه عن أركان العبادة، وبيّنا أن أركان العبادة هي: الخضوع والذل والمحبة، وكذلك الخوف والرجاء في المعنى الشرعي، كما دلت عليه آية الإسراء، وهي قول الله عز وجل:{أُوْلَئِكَ الَّذِينَ يَدْعُونَ يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ}[الإسراء:٥٧]، فهذا ركن من أركان العبادة، وهو ركن المحبة، قال تعالى:{يَبْتَغُونَ إِلَى رَبِّهِمُ الْوَسِيلَةَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ وَيَرْجُونَ رَحْمَتَهُ وَيَخَافُونَ عَذَابَهُ}[الإسراء:٥٧]، فهذه الثلاثة هي حقيقة العبادة، فإن المحبة مثل الرأس للطائر، والخوف مثل الجناح والرجاء مثل الجناح الثاني، ولهذا ثبت في حلية الأولياء لـ أبي نعيم الأصبهاني عن مكحول -وهو أحد السلف المشهورين- أنه قال: من عبد الله بالحب وحده فهو زنديق، ومن عبد الله بالرجاء وحده فهو مرجئي، ومن عبد الله بالخوف وحده فهو خارجي -أو قال: حروري- ومن عبد الله بالحب والخوف والرجاء فهو سني متبع.
ولهذا فإن تغليب جانب على جانب في قضايا العبادة يجعل الإنسان يضل وينحرف.