ذكرت أن أفضل العبادات هو ما كان مطلوباً في وقته، وقلت: إن هذا هو الصحيح، ألا ترى أن هذا القول لم يحدد أفضل العبادات على الإطلاق؟
الجواب
التفضيل على الإطلاق غير وارد، ولهذا ذكر ابن القيم رحمه الله قاعدة نفيسة جداً في كتابه (بدائع الفوائد)، وقال فيها: إن التفضيل المطلق من كل وجه يندر في الأشياء.
فالأشخاص قد يكون أحدهم فاضل من جهة ومفضولاً من جهة أخرى، وضرب على هذا أمثلة، فقال: هل الأفضل عائشة رضي الله عنها أم خديجة؟ وكلتاهما زوجتا النبي صلى الله عليه وسلم، ويحبهما رسول الله صلى الله عليه وسلم محبة شديدة.
نقول: الأفضل باعتبار السابقة للإسلام ومناصرة النبي صلى الله عليه وسلم في بداية دعوته خديجة، والأفضل باعتبار العلم، وباعتبار نشر العلم بين الناس، وقربها من الرسول صلى الله عليه وسلم عائشة رضي الله عنها، ولهذا فإن التفريق بين الأشياء يمكن أن يكون باعتبارات مختلفة، ومثل هذا التفضيل بين الملائكة وصالحي البشر، فيمكن أن يقال: إن الملائكة أفضل باعتبار، وصالحو البشر أفضل باعتبار آخر.
فالملائكة أفضل باعتبار كثرة التعبد، صالحو البشر أفضل باعتبار أنهم ابتلوا بالشهوات والشيطان، فدفعوا في الوقت الذي لم يبتل فيه الملائكة بهذا.