وقد حفظ شيخ الإسلام القرآن وهو شاب صغير، ثم اتجه إلى دراسة العلوم الشرعية مثل النحو والصرف والفقه والحديث والمصطلح والأصول، وتجاوز ذلك إلى دراسة بعض اللغات الأخرى، فكان رحمه الله يجيد اللغة العبرية، وقيل: إنه كان يجيد اللغة اللاتينية أيضاً، ودرس شيئاً في الفلك والحساب والهندسة وعلوماً أخرى، وكان ممن درس عليه من شيوخه شرف الدين المقدسي، وهو من أشهر شيوخه، وابن عبد الدائم أيضاً، وشرف الدين المقدسي هو الذي أذن له في الإفتاء وكان عمره تسع عشرة سنة، وكان شرف الدين المقدسي يتمدح بأنه أذن لـ شيخ الإسلام بالإفتاء في هذه السن؛ لأنه رآه قد امتلك أداة الإفتاء، وكان ابن تيمية رحمه الله صاحب مواهب متعددة، فقد كان سريع الحفظ، قوي الإدراك، شجاعاً، كريماً، مقنعاً عندما يتكلم، وعندما يخاطب، لا يخاف أحداً إذا أراد أن يقول كلمة الحق ولا يتردد، كما سيأتي معنا تفصيله وبيانه.
ومن شيوخه أيضاً محمد بن عبد القوي بن مهران الدمشقي، ومن شيوخه أيضاً تقي الدين الواسطي، ومنهم المنجا بن عثمان بن المنجا المقدسي.
وقد درس شيخ الإسلام رحمه الله العلوم المعروفة، فلما هضمها وعرفها اتجه إلى القراءة والاطلاع، فكان واسع الاطلاع، وكان أعرف بكتب المخالفين منهم بها، فقد قال عن نفسه: إنه ربما قرر عقائد الشيعة للشيعي، فيفرح الشيعي بهذا التقرير ويعجب به ويقول: هو كما قلت، ثم ينقض هذا التقرير لبنة لبنة.