يقول الشيخ:[وهؤلاء الذين يشهدون الحقيقة الكونية - هي ربوبيته تعالى لكل شيء - ويجعلون ذلك مانعاً من اتباع أمره الديني الشرعي على مراتب الضلال: فغلاتهم يجعلون ذلك مطلقاً عاماً].
يعني أنهم يقولون: إن العبد مجبور على فعل نفسه بشكل مطلق وبشكل عام، وكل العباد مجبورون على أفعالهم.
[فيحتجون بالقدر في كل ما يخالفون فيه الشريعة].
فأي عبد يزني فإنه يقول: هذا مقدر علي! أو يفعل الفواحش يقول: هذا مقدر علي! أو يأكل الربا، ويشرب الخمر، ويطوف حول القبور، ويعمل أي عمل من الأعمال المخالفة للشرع إذا حاسبه أحد وقال له: اتق الله! قال: هذا مقدر علي قبل أن أخلق! ونقول: صحيح أنه مقدر عليك، لكن أنت لديك اختيار، وستأتي شيء من تنبيهات شيخ الإسلام في الرد على هؤلاء.
يقول:[وقول هؤلاء شر من قول اليهود والنصارى].
لأن اليهود والنصارى يؤمنون بالأمر والنهي، وحقيقة قول هؤلاء إبطال الدين كله، بحيث لا يبقى عند الإنسان دين؛ لأن عندهم أن اليهودي معذور؛ لأن هذا قدر الله له، والنصراني معذور؛ لأن هذا قدر الله له، والبوذي معذور، والعلماني الملحد معذور، وكل أمم الأرض معذورة، ومن ثم سيدخلون هؤلاء بهذا الخليط العقائدي الفاسد في الجنة حسب فهمهم، وهذا لا شك في أنه شر من قول اليهود والنصارى، فاليهود والنصارى يميزون بين الناس، فيقولون: هؤلاء من أهل الجنة وهؤلاء ليسوا من أهل الجنة، ولا يقولون: كل الناس معذورون.
يقول: [وهو من جنس قول المشركين الذين قالوا: {لَوْ شَاءَ اللَّهُ مَا أَشْرَكْنَا وَلا آبَاؤُنَا وَلا حَرَّمْنَا مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام:١٤٨].
وهذه الطائفة سماهم شيخ الإسلام رحمه الله في غير هذا الكتاب: القدرية المشركية أو الشركية، وهم الجبرية الذين كانوا على طريقة المشركين الذين يقولون بأن العبد مجبور على فعل نفسه، وإن ملل الأرض كلها معذورة.