ثم يقول:[وكذلك أولئك إذا حقق عليهم -يعني: الصوفية- ما يزعمونه من حقائق أولياء الله المخالفة للكتاب والسنة وجدت من الأهواء التي يتبعها أعداء الله لا أولياؤه].
وهذا حاصل بالفعل، ويكفي أن تعلم أن الصوفية اليوم أوجدوا لرجل واحد ثلاثة قبور في العالم، وهو الحسين بن علي بن أبي طالب، حيث يعبده طائفة من الصوفية والرافضة في كربلاء، ويعبده طائفة من الصوفية والرافضة أيضاً في دمشق، ويعبده كذلك طائفة من الصوفية في مصر.
بل إنك تجد من المسلمين اليوم -ممن كثرت علاقته بالتصوف- من قلبه مهيأ لأدنى خرافة، وأهم شيء أن ينسب هذا الأمر إلى الله، أو ينسبه إلى الرسول، أو ينسبه إلى الولاية، أو ينسبه إلى الدين بشكل عام، فعنده استعداد نفسي لأن يقبل الخرافة، والمنهج: لا تحقق، ولا تسأل، ولا تناقش، ولا تفهم.
ويحكى: أن رجلين أرادا أن يتاجرا، فلم يكن عندهما مال، فاتفقا على أن يدفنا حماراً، وأن يضعا له مزاراً، وأن يكون هناك صندوق للنذور، ويعظموا هذا في الناس، ويجعلوا له مواعيد للزيارة، فدعوا الناس إليه، فأقبل الناس من كل مكان، وقالوا: هذا قبر سيدي فلان.
ويكفي أن تقول:(قبر سيدي فلان) فيجتمع عليك الناس، ثم تذكر لهم من الكرامات أن امرأة عقيماً جاءت إليه فطافت به واستغاثت به فولدت، وأن رجلاً مرض ابنه حتى إذا كاد أن يهلك جاء إليه وقال:(يا سيدي فلان) فشفي، ثم اذكر من الخرافات ما يعجب الناس، وحينئذ سيجتمعون حولك، وبالفعل اجتمع الناس وبدءوا يطوفون ويبكون، وهم لا يدرون من هو الميت المدفون، واشتغلوا بالطواف عند قبره وبالنذور، والنذور التي يضعها مثل هؤلاء المغفلين لا يدرون عنها أين تذهب، فيضعون النذور قائلين: اللهم تقبل، أو: يا فلان! هذا نذري، وهذا ما أملك، فما عندي إلا مائة ريال.