الليبرالية حقيقتها ومعناها: التحرر، وأساس الليبرالية الفلسفي هو الحرية، لكنهم فهموا الحرية بفهم غير صحيح، بينما الحقيقة أن المفهوم الصحيح للحرية هو ما في هذا الدين، فقد كان الغربيون يعيشون في مجتمع يستعبدهم فيه نوعان من الظلم: الملوك عن طريق النظام الإقطاعي الذي كان موجوداً في أوروبا، ورجال الدين الكنسي وهم النصارى الذين حرفوا الدين الذي أنزله الله عز وجل على عيسى، وجعلوا هذا الدين يدور حول أنفسهم ولمصالحهم الشخصية وليس هو دين الله سبحانه وتعالى الذي أمر الله سبحانه وتعالى به.
وهذا الوضع الاجتماعي الفاسد استمر حقبة طويلة جداً في أوروبا، ثم حصلت تغيرات اجتماعية في أوروبا منها: الثورة الصناعية العصرية الموجودة الآن، وما تركب عليها من بروز طبقة في المجتمع الغربي تسمى: الطبقة الوسطى، وأحياناً يعبرون عنها بالبرجوازيين، وهم أشخاص من أصحاب الأملاك والتجارات ورءوس الأموال أرادوا أن يحركوا هذه الأموال، وأن ينشطوا رأس المال، وأن تكون لهم مكاسب كبيرة من الناحية المادية، فهذه الظروف والتغيرات الاجتماعية ولدت ثورات في أوروبا، نتج عنها مذاهب فكرية معاصرة، ونتج عنها تحطيم النظام الإقطاعي، واختراع ما يسمى بالديمقراطية: وهو نظام سياسي يقوم على الحرية والتعبدية والانتخاب.
وترتب عليه أيضاً وجود مذاهب في الاقتصاد ومنها: مذهب الرأسمالية الذي معناه: الحرية الاقتصادية المفتوحة التي لا يحدها أحد، وترتب عليه أيضاً وجود مذهب غربي آخر وهو: الحرية في مجال الأدب وفي مجال النفس، وهكذا نتجت مذاهب غربية كبيرة أساسها الحرية وإثبات وجود الذات في مذهب يسمى: الوجودية.
ومذهب الوجودية: يقوم على إثبات وجود الإنسان لنفسه بالفعل الذي يقوم به، فهو يقوم بكل فعل، سواء كان هذا الفعل فعلاً تقره الشرائع أو لا تقره الشرائع، وسواء كان هذا الفعل الذي يقوم به فعلاً أخلاقياً أو غير أخلاقي، وسواء كان هذا الفعل مناسباً أو غير مناسب، أهم شيء هو أن يثبت وجوده من خلال الفعل الذي يقوم به، ولهذا انتشرت عند الغربيين صيحات غريبة جداً، وانتشر شذوذ في مجال الأخلاق، وفي مجال الفكر، وفي مجال الأدب، وفي مجال الرسم، وفي مجال الشعر، وفي المجال الفكري، والشاهد من هذا كله: هو أن الصورة الغربية المعاصرة الآن هي: الحرية، ومعناها: الانفلات المطلق، وأن الشخص يثبت ذاته وشخصه بإعطائه لنفسه الحرية المطلقة في باب من الأبواب، ولا يوجد أصلاً في الكون انفلات مطلق مائة بالمائة، لكن قد يوجد شخص يترك لنفسه الانفلات، ولا بد أن يكون لهذا الانفلات حدود، فلو أردت أن تجعل من نفسك طائراً فإنك لن تقدر؛ لأن لك حدوداً بشرية أنت محدود من خلالها، ولو أردت أن تجعل من نفسك ملكاً وإمبراطوراً كبيراً فلن تستطيع؛ لأن هناك عقبات تقف في وجهك ولا تجعلك تصل إلى ما تريد.
فهل يمكن تطبيق الحرية بالمفهوم الغربي أو لا يمكن تطبيقها؟ ومعنى الفكرة الغربية الحرية، هي: الانفلات المطلق، ولهذا وجدت نظريات غريبة جداً منها: نظرية الجندر.