فليس الفناء كله مذموم، وإن كان الاصطلاح أصلاً اصطلاحاً صوفياً، ولكن كون الإنسان يغيب عمن حوله هذا في حد ذاته ليس مذموماً؛ لأنه قد يستغرق الإنسان في التعبد إلى درجة أنه لا يشعر بمن حوله، وهذا الاستغراق في التعبد وفق ما أمر الله سبحانه وتعالى به وعلى طريقة النبي صلى الله عليه وسلم في العبادة ليس فيه إشكال، وهذا مثل: قصة عروة بن الزبير عندما قطعت وبترت رجله وهو يصلي، فهذا نوع من الأنواع، وهو أن يستغرق في التعبد إلى درجة لا يشعر فيها بما حوله، ويروى عن بعض الصالحين: أنه سقط الجدار من خلفه، فلما قضى صلاته قيل له: كاد الجدار أن يقتلك، فأخبرهم بأنه لم يشعر بكون الجدار سقط.
وهذا أمر عادي وليس فيه تثريب إذا جاء الإنسان في تعبده بما يوافق شريعة الله عز وجل، وأوامر الله سبحانه وتعالى، وليس فيه خطأ، ولكن الخطأ هو عندما ينطلق الإنسان من بدعة ويصل إلى نتيجة فاسدة، مثل: أن يعرف الفناء بأنه: اختفاء عن الأمور الظاهرية لاندماجه بها، وأن هذه هي حقيقة الألوهية، كما يقول دعاة وحدة الوجود.