لن نستعجل الحديث فيما يتعلق بحقيقة العبودية وشروطها وأركانها فهذه ستأتي معنا، لكن أحب أن أنبه إلى أن المذاهب المنحرفة في موضوع عبودية الله عز وجل أنواع: النوع الأول: مذهب العلمانية، فإن العلمانية مذهب منحرف في باب العبودية، فإنهم يفهمون العبودية على أنها أمر روحاني يقوم به الشخص في المسجد أو في بيوت العبادة فقط، وأما سائر الحياة فإنه لا صلة للعبودية بها، فالعبودية عند العلمانيين عبودية منحصرة في القضايا الروحانية في الصلة بين العبد وبين ربه، أما السياسة فلا تحكمها العبودية لله، والاقتصاد كذلك، والتربية كذلك، وكل جوانب الحياة الأخرى كذلك، ولهذا يعتبر هذا المذهب مذهباً مخالفاً لأصل الدين وأساسه، وهو توحيد الله عز وجل، وشهادة أن لا إله إلا الله، وأن محمداً رسول الله، وحكم هذا المذهب هو أنه مذهب كفري يخرج صاحبه من الإسلام، وأن صاحبه لم يفهم حقيقة الإسلام الذي هو الاستسلام التام لله عز وجل، والانقياد له بالطاعة، والخلوص من الشرك، وأن هذا الدين جاء شاملاً لكل جوانب حياة الإنسان، وأنه لا يخلو جزء من حياة الإنسان إلا ولله عز وجل حكم ظاهر وواضح فيه، كما قال الله عز وجل:{مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ}[الأنعام:٣٨]، وكما قال:{الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الإِسْلامَ دِينًا}[المائدة:٣]، وكما قال:{قُلْ إِنَّ صَلاتِي وَنُسُكِي وَمَحْيَايَ وَمَمَاتِي لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ * لا شَرِيكَ لَهُ وَبِذَلِكَ أُمِرْتُ وَأَنَا أَوَّلُ الْمُسْلِمِينَ}[الأنعام:١٦٢ - ١٦٣]، وكما قال الله عز وجل:{فَلا وَرَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُوا تَسْلِيمًا}[النساء:٦٥].