المحبة تنقسم عند العلماء إلى قسمين: محبة التأله، وقد سبق أن أشرنا إليها، والمحبة الطبيعية، فمحبة التأله هي المحبة التي أشار إليها ابن تيمية وسماها: المحبة بالقصد الأول، وتسمى: محبة التأله، وهي تعلق القلب وإنابته ورجوعه وشغفه والتفكير الدائم فيه، فهذه لا تكون إلا لله سبحانه وتعالى، وهي محبة السر والمحبة الخاصة.
وهناك محبة طبيعية موجودة في طبيعة الإنسان، وهذه المحبة لا يلام عليها الإنسان، فهو يحب أباه وأمه وزوجته وأولاده، ويحب المال والنساء، ويحب الجمال، ويحب أموراً كثيرة جداً، فهذه المحبوبات الطبيعية لا تثريب على الإنسان فيها، بشرط أن تكون مرتبطة بمحبة الله عز وجل، فإذا عصى أحد هذه المحبوبات الطبيعية فإنه لا يحبه ولا يقدمه على محبة الله عز وجل، كما أن هنالك من المحبوبات ما يمكن أن تكتسب بطريقة شرعية، فهي محبة لله، وبطريقة غير شرعية مثل: المال، فلا يكتسب منه إلا ما كان بالطريقة الشرعية، وهكذا الحال في النساء والجاه والرئاسة والجمال ونحو ذلك.
وكل هذه الأشياء يجب أن تكون مرتبطة بمحبة الله عز وجل، وهو الحب الأساسي في الإنسان.
قال المؤلف رحمه الله تعالى: [وكل ما سواه إنما يحبه لأجله، لا يحب شيئاً لذاته إلا الله، فمتى لم يحصل له هذا، لم يكن قد حقق حقيقة:(لا إله إلا الله)، ولا حقق التوحيد والعبودية والمحبة لله، وكان فيه من نقص التوحيد والإيمان، بل من الألم والحسرة والعذاب بحسب ذلك.
ولو سعى في هذا المطلوب ولم يكن مستعيناً بالله متوكلاً عليه مفتقراً إليه في حصوله لم يحصل له، فإنه ما شاء الله كان، وما لم يشأ لم يكن.
فالعبد مفتقر إلى الله من حيث هو المطلوب المحبوب المراد المعبود، ومن حيث هو المسئول المستعان به المتوكل عليه، فهو إلهه الذي لا إله له غيره، وهو ربه لا رب له سواه، ولا تتم عبوديته لله إلا بهذين].